الخميس، 19 ديسمبر 2013

تعليم المرأة من منظور إسلامي





     كلية التربية
قسم اصول التربية




تعليم المرأة من منظور إسلامي


بحث منشور فى
  مجلة العلوم التربوية والنفسية – كلية التربية – جامعة المنوفية – العدد الثالث – السنة السابعة – يوليو 1991 .





تعليم المرأة من منظور إسلامي
مقدمة:
شغلت قضايا المرأة وأوضاعها وشئونها وما تؤديه من أدوار في المجتمع اهتمام الكتاب والمفكرين والباحثين في معظم المجتمعات – وقد تعددت الرؤى والمذاهب حول هذه القضايا تبعاً لتعدد التصورات العقدية والرصيد الثقافي لأصحاب هذه الرؤى والمذاهب- ولعل أوضح دليل على ذلك الاهتمام ما شهده القرن الحالي من مؤتمرات وحلقات وندوات لمناقشة هذه القضايا وتوجيه اهتمام دول العالم إليها- وما عبرت عنه الأمم المتحدة باعتبار الفترة من عام 1976 حتى عام 1985 عقدا دوليا للمرأة بدلاً من الاكتفاء بتخصيص سنه دولية واحدة فقط لقضية المرأة- كعادتها عند الاحتفال بموضوع معين علي مستوي العالم- فقضية المرأة ليست قضية خاصة بالنساء فقط، بل هي قضية الرجل والمرأة علي السواء، أو هي قضية المجتمع بأكمله(1)، فالمرأة نصف المجتمع، وتعتبر مسئولة عن تربية النصف الآخر، وهي بالتالي تمثل كل المجتمع نصفه بالأصالة، ونصفه الآخر بالوكالة.(2)
وإذا كانت المرأة تمثل كل المجتمع باعتبارها شريكة الرجل ورفيقته، ومعاونة له علي النجاح وأداء رسالته في المجتمع، وباعتبارها مسئولة عن تربية الأجيال الناشئة، فإن إتاحة فرص التعليم أمامها، وإعداد البرامج لتدريبها ورفع كفاءتها، يعد أمر ضروريا، فالتعليم بالنسبة للمرأة يعد ضرورة إنسانية، يساعدها علي تحقيق ذاتها وإثراء حياتها الثقافية والاجتماعية وتأدية واجباتها تجاه ربها وأسرتها ومجتمعها علي نحو مرض، وبشكل يؤدي إلي رقي المجتمع وتنميته، والتعليم يمكن أن يساعد المرأة- كما يري المودودى- علي أن تكون زوجة مثالية وأماً روءوما وربة بيت مدبرة، ومواطنه ذات عقل وفكر مستنير، وأخلاق فاضلة(3)،بل إن قاسم أمين يذهب إلي أن المرأة لا يمكنها أن تدبر منزلها أو تقوم بوظيفتها في الهيئة الاجتماعية وفي العائلة، إلا بعد تحصيل مقدار معلوم من المعارف العقلية والأدبية(4)، ولذلك فإصلاح المجتمع وتطويره يتوقف إلي حد كبير عن حسن تربية بناته أكثر من توقفه علي إصلاح وحسن تربية أبنائه، لأن تعليم الرجل يعتبر تعليماً فردياً بينما يعتبر تعليم المرأة تعليماً للأسرة بأكملها، وللمجتمع ككل، فوظيفة المرأة في المجتمع أبلغ أثراً في تنشئة الأجيال من الجنسين، ومن الصعب أن يرقي المجتمع مادام نصفه (المرأة) الذي يقوم بالتربية المنزلية معطلا وجاهلا(5):
ومما يزيد من ضرورة التعليم للمرأة لكي تحسن تربية أبنائها، أن المدرسة لم تعد مستقلة عن الحياة المنزلية، ولم تعد العملية التعليمية في حد ذاتها قاصرة علي المبني المدرسي، حيث الأطفال يمكن أن يتعلموا في كل مكان (كالمنزل)، بل إن جزءاً كبيراً من العملية التربوية يقع علي عاتق الأم، باعتبارها أهم معلم خاصة في حياتهم الأولي(6)، ومن الصعب أن يعش الأطفال في بيئتين منفصلتين تمام الانفصال بيئة المدرسة وبيئة المعرفة، وبيئة البيت والجهل (إذا كانت الأم غير متعلمة)، إن تلك الانفصالية يمكن أن يكون لها آثار سيئة علي الأبناء، في وقت يجب أن تتضافر جهود البيت والمدرسة تعاونا من أجل أجيال أفضل، خاصة في ظل ما يشهده العصر الحالي من التقدم العلمي والتكنولوجي والانفجار المعرفي، وثورة الاتصال الحديث(7).
وعلي الرغم من أهمية وضرورة تعليم المرأة فإن واقع تعليمها في مصر والدول العربية يشير إلي أن المرأة لم تأخذ بعد فرصتها الكاملة في التربية والتعليم، وأن تعليم البنات- رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، والتي تشير إلي الاهتمام الملموس في التوسع في تعليم الإناث وتدريبهم ووضع البرامج لمحو أميتهن- ما زال متأخراً، فنسبة الأمية بين النساء العربيات تصل في المتوسط إلي 70% لمن هن فوق الخامسة عشرة، وهو رقم متوسط يتواري خلفه كل ما تخبئه الأرقام المتوسطة، فنسبة الأمية بين النساء تتراوح في الأقطار العربية بين حدها الأدنى35%، وتقع كفة الحد الأقصى في موقع الرجحان، في حين تصل هذه النسبة علي مستوى العالم 34% فقط، كما أن نسبة الالتحاق بالنسبة للأطفال في فئة العمر من (6-11) تصل في المتوسط إلي 15,1% بالنسبة للإناث، 82% بالنسبة للذكور، وبلغت النسبة لفئة العمر من (12-17 سنة) 42,4% بالنسبة للإناث، 59,6 % بالنسبة للذكور وفقا لإحصاءات اليونسكو الصادرة عام 1986(8).
أما بالنسبة لمصر فالجدول الآتي يوضح الحالة التعليمية للنساء في سن عشر سنوات وما فوق.
جدول رقم (1)
يوضح توزيع النساء (10 سنوات فأكثر) وفقا لحالة التعليم
خلال الفترة  من 1960- 1986(9)
السنة
أمية
تقرأ وتكتب
تعليم متوسط
تعليم جامعي
تعداد 1960
84,3
13,2
2,3
0,2
تعداد 1966
78,9
17,3
3,4
0,3
تعداد 1976
70,9
24,2
3,9
1,0
تعداد 1986
61,72
27,32
9,34
1,62

تشير الأرقام الواردة في الجدول رقم (1) إلي أنه علي الرغم من اتجاه نسبة الأمية بين النساء، إلي الانخفاض من 84,3% عام 1960 إلي نحو 71% عام 1976، وإلي نحو 61% في عام 1986، فإن النسبة ما تزال مرتفعة بالمقارنة بما هو عليه الحال في الدول المتقدمة، أو بين الذكور في مصر، وبالنظر إلي مرور ما يزيد علي ربع قرن من الزمان علي تقرير مجانية التعليم في مصر.
كما يشير الجدول إلي تضاؤل نسبة الحاصلات علي تعليم متوسط، وعلي تعليم جامعي إلي إجمالي عدد النساء في مصر رغم الاتجاه التصاعدي لتلك النسب منذ عام 1976، وإذا ما حاولنا الربط بين تلك النسب من ناحية ونسبة اللائي يقرأن ويكتبن من ناحية أخري، فإننا نستطيع القول بأن ارتفاع النسبة الأخيرة عن النسبة الأولي يعكس ارتفاع نسبة التسرب أو عدم تكملة التعليم بمختلف مراحله حتى النهاية.
أما بالنسبة لمعدلات الالتحاق بالمدارس فإن الدراسات تشير إلي أن نسبة القيد بين الإناث ما زالت منخفضة في المرحلة الابتدائية، وتزداد هذه النسبة انخفاضا كلما تقدمت المرحلة التعليمية، فأعداد هائلة من البنات في سن التعليم هن خارج المدارس، خاصة في المناطق الريفية والمناطق الحضرية والشعبية، وفي المناطق الصحراوية النائية. فقد أشارت إحدى الدراسات المسحية التي أجراها المركز القومي للبحوث التربوية عن نسب الاستيعاب في بعض المناطق الريفية والمناطق الحضرية الشعبية بجمهورية مصر العربية، إلي أن نسب الالتحاق بالمدارس- في المراحل المختلفة (حضانة- ابتدائي- إعدادي) بالنسبة للأطفال في فئة العمر من (5- أقل من 16 سنة) مرتفعة في الذكور بدرجة كبيرة علي الإناث،حيث بلغت نسبة الالتحاق في الذكور 92,2% في الحضر، 49,5% في الريف، وأن نسبة الالتحاق لجملة الريف والحضر 67,3% بالنسبة للذكور وبلغت نسبة الالتحاق في الإناث 82,4% في الحضر, 14,9% في الريف، 38,9% بالنسبة لجملة الريف والحضر(10).
ففي هذه المناطق الريفية والحضرية الشعبية والصحراوية النائية، نجد أسراً تحجب البنات عن الالتحاق بالتعليم، واستكماله لعدم الإيمان بضرورة التعليم للمرأة، ولتعطى فرصة لأخيها علي أساس أنه رجل المستقبل ورب أسرة جديدة، وصاحب التزامات اقتصادية واجتماعية، ولذلك فهم يبذلون جهدا لاستمرار الذكور في الدراسة لفترات أطول مما هو عليه بالنسبة للبنات حيث يعطى الولد فرصة أكبر لإعادة السنوات الدراسية- بخاصة الشهادات- لاستكمال تعليمه، بينما قد لا تمنح نفس الفرصة لأخته، فيفضل لها البقاء في المنزل لمساعدة الوالدين، ثم زواجهن مبكراً كما أن بعض أولياء الأمور لا يرغبون في أن تلتحق بناتهم بكليات بعيدة عنهم، وأزواجاً كثيرين يرفضون أن تستكمل زوجاتهم أي دراسة عليا(11).  
كما يشير محمود العوض جلال الدين في دراسته عن التمييز بين الذكور والإناث وانعكاساته علي وضع المرأة ودورها في المجتمع، إلي أن التحيز في تعليم المرأة ليس فقط في إتاحة فرص متساوية من الناحية الكمية، وإنما أيضا في الناحية النوعية والتخصصية، فالواقع الاجتماعي والأسري يفرض علي الفتاة أن تتجه إلي دراسات معينة بحجة طبيعة العمل الذي يناسبها، ويتوافق مع قيم المجتمع السائدة، وبحجة تقسيم العمل حسب الاختلافات الجنسية، ليس ذلك بسبب ميل طبيعي ومغروس لدى المرأة بقدر ما هو إفراز لهذا الواقع(12).
وإذا كانت قضية المرأة قضية ثقافية واجتماعية في المقام الأول(13)- فإن الأمر يتطلب ضرورة العمل علي تعديل الاتجاهات نحو تعليم المرأة، أو بمعنى آخر تغيير الاتجاهات التي ترى عدم أهمية وضرورة تعليمها، وبذل كافة الجهود في مجال التعليم، وإتاحة الفرصة أمامها للتثقيف والتعليم والمشاركة في تنمية المجتمع، لما لكل ذلك من أهمية بالغة في زيادة فرص التعليم المتاحة للمرأة، ودفع عجلة هذا التعليم للأمام.
مشكلة الدراسة وتساؤلاتها:-  
إذا كان الإسلام حث علي طلب العلم بصورة جادة وجعله فريضة وعبادة، سواء أكان ذلك بالنسبة للرجال أم النساء، فإن قضية تعليم المرأة تعد من القضايا التي لا زالت تفرض نفسها علي الفكر التربوي الإسلامي، لأنها لم تأخذ بعد موقعها ومكانها المناسب في البناء التربوي الإسلامي المعاصر، فبعض دعاة الفكر الإسلامي المعاصرين لم يولوا عنايتهم بالفتاة بقدر عنايتهم بالفتى، ولم يقدموا لعا المنهج المناسب لأداء رسالتها في مجتمعها، كما لا يزال الكثير من جوانب هذه القضية محل أخذ ورد(14)، نظرا لاعتقاد البعض أن الإسلام قد فرض قيودا علي تعليم المرأة، انطلاقا من دوافع الغيرة الشديدة عليها، والتخوف من كل ما يحتمل فيه من مجال الغواية والانحراف، فهم يقولون بتعليم المرأة القرآن الكريم والدين الإسلامي ليس غير، وينهون عن تعليمها الكتابة والشعر، وقد أورد الجاحظ هذا الرأي في كتابة البيان والتبيان "لا تعلموا بناتكم الكتاب، لا ترووهن الشعر، وعلموهن القرآن، ومن القرآن سورة النور"(15)، كما أشار القابسي الفقيه القيرواني في كتابة "الرسالة المفضلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين" إلي أن تعليم الأنثى القرآن والعلم حسن ومن مصالحها، أما أن تعلم الترسل والشعر وما أشبه، فهو مخوف عليها، إنما تُعلم ما يُرجى لها من صلاحه، ويُؤمن عليها من فتنته، وسلامتها من تعلم الخط انجي لها(16), وذهب أبو الثناء الالوسي إلي تحريم تعليم البنت الكتابة، وقد ألف كتابا في هذا المعنى سماه "الإصابة (أي وجه الصواب) في منع النساء من تعلم الكتابة".(17)
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا الاتجاه بصورة المختلفة ومستوياته المتعددة ما زال متحركا داخل عقول أفراد وجماعات تتحفظ علي تعليم المرأة وحدوده، وتثير العديد من الشبهات حول حقها في التعليم والعلم وحدوده محصنين أنفسهم بدروع من الشريعة والبيولوجيا وشواهد الحياة(18)، ولعل ذلك هو ما دعا الباحث إلي القيام بهذه الدراسة محاولا من خلالها التعرف علي بعض جوانب هذه القضية من منظور إسلامي، من خلال محاولة الإجابة علي التساؤلات التالية:
1- ما مكانة المرأة في المجتمع من منظور إسلامي؟
2- ما الشواهد التي يمكن أن تستدل منها علي وجوب تعليم المرأة من منظور إسلامي؟
3- ما مظاهر الاهتمام بتعليم المرأة في المجتمع الإسلامي الأول؟
4- ما الذي يجب أن تتعلمه المرأة من منظور إسلامي؟

أهمية الدراسة:-   
تكمن أهمية الدراسة في الآتي:
1- أنه علي الرغم من كثرة الدراسات والبحوث حول قضية المرأة عموما والمرأة المسلمة بوجه خاص، فإن تعدد الرؤى والمذاهب حول هذه القضية – بتعدد الاتجاهات والتصورات العقدية والثقافات والانتماءات للدارسين يجعل الدراسات حول المرأة وقضاياها متجددة وحيوية، ومطلبا ملحا في مختلف العصور والأزمان.
2- أن موضوع تعليم المرأة له صلة وثيقة بتقدم المجتمع ونهضته، فهو يزودها بالخبرات والتخصصات والمهارات المطلوبة في عمليات التنمية في المجتمع، وحتى تتحمل مسئوليتها في المشاركة في صنع الحياة وإيجابية هذا من ناحية، ويساعدها علي حسن تربية أبنائها من ناحية أخرى، وهو ما يؤكد أهمية وضرورة طرح موضوع تعليم المرأة علي نطاق البحث.
3- اعتقاد البعض أن الإسلام قد فرض قيودا علي تعليم المرأة وإثارة بعض الشبهات حول حقها في التعليم والتعلم وحدوده، معتمدين في ذلك علي ثقافة دينية أساسها ثقافة عصور الفرق التي أدخلت في الإسلام ما ليس فيه، وغاضة الطرف عن نصوص القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، الأمر الذي يتطلب ضرورة إلقاء الضوء علي المنظور الإسلامي لهذه القضية الهامة، وتوضيح بعض الأدلة والشواهد التي تزيل هذه الشبهات، وتصحح تلك المعتقدات الخاطئة التي قد تعوق تقدم المجتمعات العربية والإسلامية المعاصرة، وتسبب عددا من الأزمات العقدية والاجتماعية المدمرة.
4- إن إلقاء الضوء علي المنظور الإسلامي لقضية تعليم المرأة، يمكن أن يسهم في تغيير بعض المفاهيم التقليدية والخاطئة عن قصور المرأة وأدوارها بصفة عامة، وتغيير اتجاهات الأفراد نحو تعليم البنات ومحو أميتهن، وزيادة فرص التعليم المتاحة لهن.
خطوات الدراسة:-    
سارت خطة الدراسة وفق التساؤلات المطروحة والتي تم تحديدها آنفا، ومن ثم سارت الخطة وفق الخطوات التالية:

أولاً: مكانة المرأة في المجتمع من منظور إسلامي:- 
جاء التشريع الإسلامي تصحيحا لكل الأوضاع الجائرة التي سبقت ظهوره، وتحديدا عادلا لمكانة المرأة في المجتمع، حيث قضى علي مبدأ التفرقة بين الرجل والمرأة، وكفل للمرأة مساواة تامة مع الرجل في كثير من شئون الحياة ولم يفرق بينهما، الا حيث تدعو إلي هذه التفرقة طبيعة كل من الجنسين، ومراعاة المصلحة العامة للأمة، والحفاظ علي تماسك الأسرة واستقامة أحوالها، بل ومنفعة المرأة ذاتها.
فمن الأمور التي يركز عليها القرآن الكريم أن البشر جميعا متساوون في أصلهم وأن الرجل والمرأة خلقا من نفس واحدة، فالبشر جميعا يجمعهم أصل واحد وينحدرون من رجل واحد فهم متساوون في الأصل والنشأة، ومهما اختلفت بعد ذلك الأجناس والألوان فإنه اختلاف في الفروع، اختلاف طارئ وليس أصلا(19). هذه الحقيقة نراها في آيات متعددة منها قوله تعالي: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء (20) وشبيه بهذه الآية قوله تعالي } هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (21) وقوله تعالي أيضا وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (22).
 وقد جاءت الأحاديث الشريفة فأكدت هذه الحقيقة وهي أن الرجل والمرأة من أصل واحد، ومن هذه الأحاديث ما أخرجه الأمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنما النساء شقائق الرجال"(23).
ولأن المرأة والرجل خلقا من نفس واحدة فقد شر الإسلام المساواة بينهما فيما هو من خصائص الإنسانية في الدنيا والآخرة، فما يجب علي الرجل يجب علي المرأة، وخطاب التكليف الإسلامي بأبعاده المتعددة جاء عاما للإنسان كجنس بشري فيه الرجل والمرأة علي السواء،عقيدة وعبادة، ومعاملة وأمرا، ونهيا، وحقوقا وواجبات- إلا من بعض المساحات الخاصة التي ينفرد فيها الرجل أو تنفرد فيها المرأة، حسب الطبيعة النوعية، ومقتضيات الوظيفة الاجتماعية- وجعل الله ميزان الكرامة والفوز، التقوى والعمل الصالح، وليس الذكورة والأنوثة، لأنها أمور قسرية، لا يد للإنسان فيها(24)، فالمفاضلة بين أي رجل وامرأة إنما يقوم علي أمور أخرى خارجة عن طبيعتها، وهي الأمور المتعلقة بالكفاية، والعلم، ومكارم الأخلاق، وما إلي ذلك، كما هو شأن المفاضلة بين الرجال أنفسهم بعضهم مع بعض، وأن القوامة التي شرعها الله للرجال الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ (25)، هي في الحقيقة مسئولية إشراف وأهلية قيادة وليست تشريفا، فالرجل بحكم تخلصه من تكاليف الأمومة يواجه أمور المجتمع لفترة أطول ويتهيأ لها بقواه الفكرية جميعا، بينما تحتجز هذه التكاليف المرأة بعضا من أيامها هذا إلي جانب أنه المكلف بالإنفاق، وللناحية المالية صلة قوية بالقوامة، فهو حق مقابل تكليف ينتهي في حقيقته بالمساواة بين التكليف والحقوق في محيط الجنسين ومحيط الحياة.(26)
فالمرأة ذات مسئولية مستقلة عن مسئولية الرجل، وهي لا تقل في مطلق المسئولية عن مسئولية الرجل، وأن منزلتها في المثوبة والعقوبة عند الله معقودة بما يكون منها من طاعة أو مخالفة شأنها شأن الرجل، والآيات القرآنية الدالة علي ذلك كثيرة منها قوله تعالي: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا  (27).
هذه الآية الكريمة اشتملت علي عشر فضائل جمع الله تعالي فيها بين الذكور والإناث، وبين أن الثواب العظيم كائن لمن يتحلي بها، سواء أكان من الذكور أو الإناث.(28)
وقال تعالي "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (29) وقوله أيضا "وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" (30) وقال الله سبحانه وتعالي: " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *  وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "(31)
فالآية الأولي تشير إلي أن مسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي أكبر مسئولية في نظر الإسلام، مسئولية مشتركة بين الرجل والمرأة.
كذلك يبرز التاريخ الذي قصه القرآن الكريم عن الأولين الأمثلة التي تبين أن وضع المرأة من المنظور الإسلامي كوضع الرجل(32)، حيث أنبأنا القرآن أن الله اصطفى من النساء كما اصطفى من الرجال، فقد قال الله تعالي: إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) وقال أيضا وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (34)، كما أنبأنا القرآن الكريم أن الله تقبل المرأة فيما يتصل بشئون العبادة والقيام بخدمة أماكنها المقدسة كما تقبل الرجل، وقص علينا في ذلك ما كان من شأن امرأة عمران حيث يقول تعالي "فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا " (35)، وكان المعروف أن الذي يقوم بخدمة الأماكن المقدسة هو الذكر دون الأنثى، وفي ظل العرف تحسرت امرأة عمران حينما علمت أن المنذور أنثى، فأبطل الله عليها هذا الظن، أنبأها أنه في المهنة التي لأجلها نذرت ما في بطنها، يتقبل الأنثى كما يتقبل الرجل، كذلك يسجل القرآن أمر الله عز وجل للنبي بأن يبايع النساء كما بايع الرجال، علي التمسك بتعاليم الإسلام فقال الله سبحانه وتعالي" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ".(36)
كذلك سجل القرآن الكريم العديد من النساء- كما ذكر العديد من الرجال- كان لها أثر وتدبير ورأى وقوة إيمان، ففي عهد سيدنا عيسى يذكرنا بمريم وأمها، وفي عهد موسي كانت أمه وأخته وامرأة فرعون، ابنة شعيب، كما حكي القرآن الكريم قصة تلك المرأة (خوله بنت ثعلبة) التي أتت إلي النبي صلي الله عليه وسلم، وأخذت تجادله في شأن ما دار بينها وبين زوجها (أوس بن الصامت)، وتراجعه القول مرة ومرة، حتى نزلت الآيات القرآنية التي تؤكد احترام الإسلام لشأن المرأة ولرأيها، وتجعلها مجادلة ومحاورة للرسول وجمعها وإياه في خطاب واحد، فقال تعالي " قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ "(37)، كما قرر رأيها وجعله تشريعا عاما خالداً، فآيات الظهار- كما يري الشيخ محمود شلتوت- وأحكامه في الشريعة الإسلامية، وسورة المجادلة، ما هي إلا أثراً من آثار الفكر النسائي وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها صورة احترام الإسلام لرأي المرأة.(38)
إلي جانب ما سبق وجه الإسلام الآخرين إلي ضرورة تعديل نظرتهم إلي المرأة وإحسان معاملتها، بعد أن ساءت معاملتها في عصور ما قبل الإسلام(39)، وقد تمثل ذلك في الآتي:
-      رفع التوهم السائد عند البعض بمسئوليتها عن غواية آدم وخروجه من الجنة، فبعض الآيات تؤكد أن ما وقع لآدم عليه السلام لم يكن بسبب حواء وإنما كان بسببهما معا. فقال تعالي: "فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا" (40)، وقوله أيضا " فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ" (41)، بل إن بعض الآيات تحمله وحده المسئولية حيث يقول القرآن الكريم "وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى " (42)
-       حرم القرآن الكريم تحريما قاطعا، ما كان شائعا بين قبائل العرب في الجاهلية من تفضيل الذكور علي الإناث، ومن وأد البنات وهن صغار، وشنع بتلك العقلية التي كانت تقتل البنات خوفا من العار والفقر وذمها ذما شديدا، ومن الآيات التي وردت في ذلك قوله تعالي  "وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ " (43)، وقوله أيضا "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ " (44)، وقوله تعالي "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ " (45)، وبين سبحانه وتعالي أنه وحده الذي يملك أن يمنح لمن يشاء الذكور، وأن يمنح لمن يشاء الإناث، وأن يمنح لمن يشاء الذكور والإناث معا، وأن يجعل من يشاء عقيما لا ذرية له فقال سبحانه وتعالي" لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" (46)
-       أكد القرآن الكريم علي ضرورة ووجوب احترام الأم وإرضائها، وإرضاء الأب، وقرن ذلك برضي الله سبحانه وتعالي وفي ذلك يقول " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا " (47)، بل أنه خص الأم بقدر من الاحترام والتقدير، نتيجة ما تتحمله من مشاق وآلام الحمل والولادة والإرضاع والرعاية، وفي ذلك يقول الله تعالي " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا "  (48)
-      كرم الإسلام الزوجة وأمر بحسن معاشرتها، فالمرأة الصالحة هي خير متاع الدنيا وفي ذلك يقول الرسول الكريم فيما رواه مسلم وابن ماجة والترمذي عن ابن عمرو- "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"(49)، كما أوصي الله الزوج بحسن معاشرة زوجته فقال تعالي " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " (50) كما كان الرسول علية الصلاة والسلام يوصي بالنساء دائما- ويعتبر حسن معاملة الرجل لزوجته فضيلة من أعظم الفضائل الإنسانية- في أحاديث كثيرة من ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيم كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا" وروى ابن عساكر رضي الله عنه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه- أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم"(51)، كما أكد الرسول علي أن حسن معاملة البنات ليس له جزاء إلا الجنة، فقد روى الترمذي عن ابن سعيد الخدرى رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقي الله فيهن فله الجنة" وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "من ابتلي- أي: أختبر- من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار".(52)
-      إن الإسلام لم يقف عند حد التقدير العام لها، وإنما ترجم هذا التقدير في صورة حريات منحها الإسلام للمرأة، والحقوق حكم علي الرجل والمجتمع الوفاء بها، من هذه الحقوق والحريات حرية العمل، وحرية التعاقد، وحق الميراث، وحرية الولاية الكاملة علي مالها...وغيرها(53) الكثير مما كانت لا تتمتع به قبل الإسلام، فقد أباح لها الإسلام أن تتعاقد عن طريق البيع أو الشراء أو الهبة أو في تحمل الالتزامات، وفي تملك ما تريد من أموال أو عقارات أو منقولات، وأن تتصرف فيما تملكه بالطريقة التي تختارها، كما قرر القرآن أنه لا يجوز لوليها أو زوجها أن يأخذ شيئا من مالها، أو مما سبق أن آتاه لها، إلا أن يكون هذا وذاك برضاها وعن طيب نفس منها، وفي ذلك يقول الله تعالي "وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا" (54) وقوله أيضا "وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا "(55)، ولا يجوز لوليها أو لزوجها أن يتصرف في أموالها إلا بإذنها، أو توكيلها إياه في التصرف نيابة عنها، ويجوز لها أن تسقط هذه الوكالة متى شاءت، وأن توكل من تريد وكالته عنها، وهي في كل ذلك كمثل الرجل سواء بسواء دون أي تفرقة بينهما، كما أباحت شريعة الإسلام للمرأة أن تختار الزوج الذي تريده، واشترط موافقتها علي الزواج حتى يكون صحيحا وليس من حق وليها أن يزوجها بمن لا تريد أو بدون إذنها، وأباحت لها حق المطالبة بفسخ عقد الزواج، الذي تم عليها بدون إذنها أو رضاها، وإذا اختارت المرأة زوجا، ولم يرض وليها به من غير سبب شرعي، فلها أو من حقها أن ترفع الأمر إلي القاضي ليتولي عقد زواجها مع من اختارته زوجا(56)، كما أكدت الشريعة أيضا علي عدم حق وليها في منعها من العودة إلي زوجها الذي طلقها، وحقها في تزويج نفسها إذا ترملت.(57)
وإذا كان الإسلام منح المرأة هذه الحقوق والحريات، فقد اشترط بعض الشروط الضرورية لحماية المرأة والأسرة والمجتمع، فهو يحظر أن يختلي الرجل بامرأة أجنبية عليه، ويوجب الإسلام علي المرأة في حالة اختلاطها (في أماكن العبادة، وأماكن العلم، وميدان الجهاد، والحياة العامة) ألا تكون متبرجة وألا تبدي زينتها وأن تكون ملتزمة لجادة الوقار والحشمة في حديثها وجلستها وحركتها، فلا يكون في شيء من ذلك ما يبعث الإغراء أو يثير الشهوة أو يطمع الذي في قلبه مرض، ويوجب عليها كذلك أن تغض من بصرها، كما يوجب علي الرجال أنفسهم في هذه الحالة أن يغضوا من أبصارهم ويبتعدوا في هذه المجالس عن كل ما يتنافي مع الأخلاق الكريمة(58) التي حض عليها الدين.
ثانياً: شواهد وجوب تعليم المرأة من المنظور الإسلامي:-
اتضح مما سبق أن الإسلام قد قرر أن المرأة مسئولة مسئولية كاملة عن صلاتها وصيامها وزكاة مالها وتصحيح عقيدتها، وعن بيتها وجماعتها، بالإضافة إلي مسئوليتها العامة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعل تحمل المرأة لكل مسئوليتها يجعل لها أو عليها الحق في أن تتعلم كل ما يمكنها من القيام بهذه المسئوليات علي الوجه الذي حددت به، وطلبت منها عليه.
وإذا كانت ممارسة المرأة للحقوق والحريات والواجبات التي منحها الإسلام لها، وكلفها بها، مما يوجب تعلمها، فقد حث الإسلام علي تعليمها وتثقيفها، ولم يفرق بين الرجل والمرأة في طلب العلم، وطلب منها التزود بالعلم النافع، وبالثقافة المفيدة، وبالمعرفة التي تعود عليهم وعلي أمتهم بالخير.
ولذا فقد ملئ القرآن الكريم- سوره وآياته- بالحض علي طلب العلم وتلقيه من المهد إلي اللحد وشرف أهل العلم تشريفا عظيما، كما اهتمت السنة المطهرة بذلك اهتماما بالغاً سواء أكانوا من الرجال أم من النساء، فآيات القرآن الكريم الأولي تأمر الناس رجال ونساء- وتحضهم علي التعلم وتحصيل المعرفة وتعظم القراءة والكتابة وأدواتها، قال تعالي: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " (59) وقوله أيضا "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ " (60)، "وَالطُّورِ *وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ *فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ " (61)، "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " (62).
كذلك يشير القرآن إلي أنه كلما زاد الإنسان علما زاد فضلا، وزاد قربا من الله سبحانه وتعالي، فقد قرن الله أهل العلم بملائكته في الشهادة له بالوحدانية، فقال تعالي " شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (63)، وقصر الله خشيته منه علي العلماء" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء "(64) وبين الله سبحانه أن العلماء وحدهم هم الذين يعقلون ما يضربه للناس من أمثال "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" (65)، ونفى – عز وجل- التسوية بينهم وبين غيرهم، فقال: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ" (66)، ورفع الله درجاتهم – سواء في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت أما في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة- عنده فقال "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ "(67) ويقول أيضا " يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا "(68).
وتأتي السنة النبوية الشريفة، فتؤكد هذا الخط القرآني العام، فأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم في فضل العلم وأهله وحث الناس علي طلبه، أكثر من أن تحصي في هذه الدراسة، ويمكن الإشارة هنا إلي كتاب "جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وجمله" للإمام القرطبي وهو جزءان فاق عدد صفحاته الأربعمائة، من هذه الأحاديث(69) ما رواه البيهقي في شعب الإيمان وابن عدى في الكامل عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "طلب العلم فريضة علي كل مسلم" وتنكير كلمة مسلم هنا يفهم منها الاستغراق، بمعني أنها تستغرق كل المسلمين وتشمل الذكر والأنثى علي السواء، وروى أبو داود والترمذي عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول "من سلك طريقا يطلب منه علما، سهل الله له طريقا إلي الجنة، وأن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" ومن ذلك أيضا ما جاء في الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وما جاء في الصحيحين عن أبي أمامه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال "فضل العالم علي العابد كفضلي علي أدناكم،إن الله عز وجل وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون علي معلم الناس الخير".
ومما تجدر الإشارة إليه أن الإسلام لم يفرق فيما منحه من حق التعليم والحض عليه للمرأة المسلمة، بين أن تكون حرة أو أمه، بل إن توجيهات الإسلام فيما يتصل بشأن الأمه كانت أكيدة فقد روى البخاري في صحيحة عن أبي بردة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أيما رجل كانت عنده وليدة- أي جاريه- فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران".(70)
أما بالنسبة لما أثاره البعض حول تعلم المرأة للكتابة والخط، فيمكن الاستدلال مما ورد في بعض الآيات القرآنية علي ضرورة تعلم المرأة الكتابة فقال تعالي "وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ" (71)، فالخطاب في هذه الآية جاء بصيغة التذكير إلا أنه شامل للنساء فقد ورد الخطاب مذكراً علي طريقة التغليب، فدل علي أنه لا فرق بين أن يكون الكاتب رجلاً أو امرأة، وهو من أدلة وجوب تعلم النساء الكتابة(72)، كما أكدت السنة النبوية المطهرة علي ذلك، فمما جاء بكتب السنة والتاريخ أن الشفاء العدوية- وهي سيدة من قبيلة عدي- كانت تعرف الكتابة، وكانت تعلم الفتيات في الجاهلية، وكانت حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قد تعلمت الكتابة قبل زواجها بالنبي صلي الله عليه وسلم، فلما تزوجها طلب من الشفاء أن تواصل تعليمها لحفصة، وأن ترشدها إلي تحسين الخط وتزيينه كما علمتها أصل الكتابة، فقد أخرج الأمام مسلم وأبو داود عن الشفاء قالت: دخل علي النبي صلي الله عليه وسلم وأنا عند حفصة بنت عمر، فقال لي "ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة، ويقصد صلي الله عليه وسلم- برقية النملة: تحسين الخط وتزيينه".(73)
مما سبق يتضح أن موقف الإسلام من قضية تعليم المرأة وتعلمها، قد تجاوز نطاق الإباحة أو الحق إلي اعتباره فريضة إلهية، وضرورة إنسانية، وتكليفا واجبا وملزما، فالعلم جوهر إنسانية الإنسان ومن الإيمان، وأي كلام عن تعليم المرأة ينبغي أن يرد إلي الإيمان، فما يجوز علي الإيمان يجوز علي العلم والتعليم(74)، ولعل ذلك هو ما دفع المسلمين الأوائل إلي الحرص الشديد علي طلبه والسعي إلي تحصيله سواء من جانب الرجال أم النساء والشواهد الدالة علي ذلك كثيرة سوف نتعرض لها في الجزء التالي.
ثالثاً: مظاهر الاهتمام بتعليم المرأة في المجتمع الإسلامي الأول:-
      اتضح مما سبق أنه لم يرد نص من القرآن الكريم أو من السنة النبوية يحرم تعليم المرأة أو يفرض قيودا علي تعليمها- طالما كانت متحجبة ومحتشمة- بل إننا وجدنا علي العكس من ذلك حضا علي طلب العلم وجعله فريضة علي كل مسلم ومسلمة، وعلي هذه المفاهيم والتصورات قامت الحياة التعليمية منذ البعثة النبوية، وأقبلت النساء علي التفقه في الدين، تستفسر عن آيات القرآن وأحاديث الرسول وتطلب شرح ذلك، وتتلقى عن رسول الله كل ما يتعلق بأمور دينها ودنياها، وهناك الكثير من الشواهد التي تلقي الضوء علي ذلك منها:-
-    كانت المرأة – منذ أن انبثق فجر الدين الإسلامي- تشارك في الحضور إلي المسجد للصلاة، وتتلقى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، بعد أن عرفت وظيفة الرسول التعليمية، وسألته أحداهن أن يعلمهن، وقد استجاب الرسول لطلبهن، حدد لهن وقتاً، خصهن فيه بالإرشاد والتوجيه والتعليم والإجابة علي أسئلتهم، فقد روي البخاري في صحيحة عن أبي سعيد الخدري قال: قالت النساء للنبي صلي الله عليه وسلم غلبنا الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما، لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان مما قال لهن "ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها، إلا كن لها حجابا من النار" فقالت امرأة: واثنين؟ فقال واثنين".(75) وحديث آخر عن أبي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يارسول الله ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال: اجتمعن يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا"، فاجتمعن فآتاهن رسول الله صلي الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله، ثم قال "ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجابا من النار" فقالت امرأة يا رسول الله اثنين، قال فأعادتها مرتين ثم قال اثنين، واثنين اثنين(76). ففي الحديث إشارة إلي ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص علي تعلم أمور الدين.
 وعن أيوب قال سمعت عطاء، قال سمعت ابن عباس قال أشهد علي النبي صلي الله عليه وسلم، أو قال عطاء أشهد علي ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج ومعه بلال فظن أنه يُسمع (النساء) فوعظهن وأمرهن بالصدقة (كأنه أعلمهن أن في الصدقة تكفيرا لخطاياهن) فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم، وبلال يأخذ في طرف ثوبه (77).
-    كان علي نساء النبي في المجتمع الإسلامي الأول مسئولية التعليم والتعلم، استنادا إلي قول الله تعالي مخاطبا أمهات "وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا" (78) فآيات الله هي القرآن الكريم والحكمة هي السنة النبوية الشريفة، فقد كان بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم مدرسة تعاونه فيها نساؤه خاصة فيما يتعلق بأمور المرأة المسلمة وشئونها الخاصة، فضلا عن متابعتهن للكتاب والسنة المطهرة، وكان للسيدة عائشة رضي الله عنها النصيب الأوفى في رواية الحديث، فقد روى لها عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ألف ومائتان حديث وعشرة أحاديث، وهو مما لا يتوافر لسواها حتى من الرجال، كما كان لها دورا بالغا في تبليغ الأحكام الشرعية لاسيما للنساء أو ما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصنعه في بيته ومع زوجاته، حيث يروى أن امرأة من الأنصار جاءت تسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف تتطهر من الحيض؟ فقال: خذي فرصة من مسك فتتبعي بها أثر الدم، فلم تفهم، فاستحى رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخذتها عائشة وعلمتها (79)، وتلك مهمة لها أكبر الأثر في التبليغ والتعليم، إذ أن تعليم المرأة وخاصة في مثل هذه الأمور يكون أكثر إيضاحا وأبعد عن الحرج. ونظرا لكثرة علمها وفقها، كان الصحابة يرجعون إليها إذا ما خفي عليهم شيء يتعلق بالسنة المطهرة أو بغيرها، فقد جاء أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال "ما كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم- يشكون في شيء إلا سألوا عنه عائشة، فيجدون من ذلك عندها علما".(80)
-    لم يمنع الحياء المرأة المسلمة من التعلم والتفقه في دينها، حيث روى البخاري في صحيحة عن أم سلمه قالت: جاءت أم سليم إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحى من الحق، فهل علي المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي صلي الله عليه وسلم: إذا رأت الماء، فغطت أم سلمه (تعني وجهها) وقالت يا رسول الله أو تحتلم المرأة؟ قال نعم، تربت يمينك، ففيم يشبها ولدها، ولهذا غيره قالت عائشة فيما رواه البخاري رضي الله عنه "نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين".(81)
-    لم تكن المرأة المسلمة حريصة علي تلقي العلم فقط، بل أيضا علي التثبت والمراجعة حال تلقيه.(82) حيث يروى البخاري في صحيحة أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرف، وأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من حوسب عذب" قالت عائشة، فقلت: أو ليس يقول الله تعالي            قالت: فقال إنما ذلك عند العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك".(83)
وهذه امرأة مسلمة أخرى لم ترضى لنفسها أن تفعل أمرا تتمناه إلا بعد أن تكون علي بينة من علم بحكم هذا الفعل، حيث روى البخاري في صحيحة أن امرأة جاءت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقالت إني أنكحت ابنتي، ثم أصابها شكوى، فتمزق رأسها (وفي الرواية الأخرى عند البخاري أيضا وأنها مرضت فتمعط شعرها: أي سقط) وزوجها يستحثني بها، أفاصل رأسها فسب رسول الله صلي الله عليه وسلم: الواصلة والمستوصلة، وقد التزمت بما تعلمت. وهذه امرأة ثالثة تقف لصحابي جليل موقف الند للند في مسألة علمية وفقهية حتى يأتي لها بالحجة والدليل، حيث يروى البخاري في صحيحة عن إبراهيم عن علقمة: قال: لعن عبد الله بن مسعود الواشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب (امرأة من بني أسد كانت تقرأ القرآن): ما هذا؟ قال عبد الله ومالي لا ألعن من لعن رسول الله وفي كتاب الله، قالت والله قرأت ما بين اللوحين فما وجدته قال والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه                  ﮧﮨ  (84).
-    روى البلاذى في فتوح البلدان أنه عند مجيء الإسلام، كان هناك خمس نساء من العرب يقرأن ويكتبن وهن حفصة بنت عمر وأم كلثوم بنت عقبة وعائشة بنت سعيد وكريمة بنت المقداد والشفاء بنت عبد الله العدوية، التي كانت تعلم حفصة، طلب الرسول منها أن تستمر في تعليمها لها بعد زواجها من، فقد كان تعليم القراءة والكتابة ضروريا للذين يرغبون في رواية الحديث عن رسول الله وهو عمل شاركت فيه النساء.(85)
-    اهتمت المرأة المسلمة بالدين والدراسات الدينية وخاصة رواية الحديث، وقد عقد ابن سعد جزءا من كتابه "الطبقات الكبرى" لرواية الأحاديث عن النساء، أتي فيه علي أكثر من سبعمائة امرأة روين عن الرسول أو الثقات من أصحابه، وعنهن روى أعلام الدين وأئمة المسلمين، وترجم بن حجر في كتابه في تمييز الصحابة حياة 1543 محدثة، قال عنهن: أنهن ثقات عالمات، كما خصص من النوادي في تهذيب الأسماء والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، والسخاوى في الضوء اللامع خيرا كبيرا للحديث عن النساء اللاتي كانت لهن ثقافة عالية، وبخاصة في العلوم الدينية ورواية الحديث(86)، كما كانت هناك عدد من النساء تجلسن للتدريس في المساجد للرجال والنساء علي السواء، فقد كانت النساء تتلقى العلم عن الرجال، ويقمن بالتدريس بدورهن للرجال، وكان يجلس في حلقتهن مشاهير العلماء والمجتهدين، وقد اعترف بعض مشهوري الرجال بفضل النساء، فقد ذكر ياقوت في معجم الأدباء، أن الحافظ ابن عساكر في تعداده لأساتذته وشيوخه الذي تلقي عنهم، ذكر من بينهم بعضا وثمانين امرأة، وذكر ابن خلكان عن أم المؤيد زينب بنت الأشعري أنها كانت عالمة، وأدركت جماعة من أعيان العلماء، وأخذت عنهم رواية وإجازة، ويذكر عن طرفة بنت عبد العزيز بن موسي أنها تلقت العلم علي عدد من مشهوري عصرها بالأندلس، وأخذت عنهم كثيرا من كتبهم وسمح لها زوجها بقراءة هذه الكتب علي طلابها، كما كان من النساء من تقوم بتدريس علوم الدين للنساء في الخوانق، وينقطعن للعبادة والتدريس كما في الأديرة.(87)
كذلك يعترف ابن حزم القرطبي لهن بالفضل العلمي، حيث قال: "لقد شاهدت النساء وعلمت من أسرارهن ما لا يكاد يعلمه غيري، لأني ربيت في حجورهن ونشأت بين أيديهن ولم أعرف غيرهن، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب وحين تبقل وجهي وهن علمتني القرآن وروينني كثيرا من الأشعار ودربنني علي الخط.(88)
-    إن حرص المرأة المسلمة علي التعليم لم يقتصر علي الدراسات الدينية ورواية الحديث بل امتد إلي دراسة الأدب والشعر والخط بالإضافة إلي معارف الطب والتمريض وأمراض النساء خاصة، فالسيدة عائشة رضي الله عنها لم تقتصر معارفها علي الشئون الدينية فقط والأحكام، ولكنها تجاوزت ذلك فاستوعبت آداب العرب وأنسابها، والطب والشعر، لذلك قال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحد أعلم بفقه ولا طب ولا بشعر من عائشة، وعندما سئلت من أين هذا العلم بالطب أجابت "أن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- كثرت أسقامه، فكان أطباء العرب والعجم يبعثون له، فتعلمت ذلك منهم.(89)
     والحقيقة أن كتب التاريخ والأدب حافلة بأسماء المشاهير من النساء المسلمات اللائي برعن في الشعر والأدب، وقد ترجم السيوطي في مخطوطه "نزهة الجلساء في أشعار النساء" لسبع وثلاثين شاعرة، كما كان هناك نساء مسلمات برعن في صناعة الطب والجراحة والمداواة، وكان لهن شهرة كبيرة، وقد ترجم ابن أبي أصيبعة لبعضهن في كتابه "طبقات الأطباء" كما اشتهر كثير منهن في الطرب والغناء، وقد عرض الأصفهاني في كتابة الأغاني لذكر أسماء كثير منهن، كما أسهمت المرأة المسلمة في ميادين السياسة فناصرت حزبا علي حزب كما حدث إبان الصراع بين علي ومعاوية.(90)
   في ضوء ما سبق يتضح أننا لم نجد في تعاليم الإسلام نصا واحدا يحرم المرأة من التعليم وطلب العلم، ولم يسرد التاريخ الإسلامي حادثة واحدة حرمت فيها المرأة من التعليم بدعوي أن الإسلام يمنعها من ذلك، فقد أعطى الإسلام المرأة حق التعليم والثقافة، وأباح لها أن تحصل علي ما تشاء الحصول عليه من علم نافع وأدب رفيع وثقافة متنوعة، ومعرفة مفيدة بل إن شريعة الإسلام لتوجب عليها ذلك في الحدود اللازمة لوقوفها علي أمور دينها، وحسن قيامها بوظائفها في الحياة، علي أن يتم ذلك في مناخ يحفظ لها كرامتها، ويصونها عن التبذل وينأى بها عن كل ما يتعارض مع الخلق الكريم والسلوك القويم الذي أكد عليه الإسلام أن كل ما أثاره الفقهاء المسلمون من قضايا حول تعليم المرأة لا يتناول أو يمس حقها في التعليم وإنما يمس تنظيمه وأشكال هذا التنظيم(91)، مثل ما يجب أن تتعلمه المرأة، وهل تتعلم نفس علوم الرجال؟ أم ينال كل منهما تعليما مختلفا عن الآخر؟
رابعاً: ما يجب أن تتعلمه المرأة من منظور إسلامي:-
إذا كان نوع التعليم الذي يجب أن تتعلمه المرأة يتحدد بناء علي نظرة المجتمع لها وما تتمتع به من استعدادات وقدرات والدور الاجتماعي وطبيعة العمل الذي تقوم به، وبالحاجات الاجتماعية والاقتصادية للعصر- فالأصل في التعليم أنه تلبية لاحتياجات الفرد والمجتمع واحتياجات العصر-، وإذا كان الإسلام قد ساوي بين الرجل والمرأة من حيث التكريم والتشريف، ومن حيث المسئوليات الملقاة علي عاتق كل منهما- إلا من بعض المساحات حسب الطبيعة النوعية ومقتضيات الوظيفة الاجتماعية- وإذا كانت منزلة المرأة في المجتمع الإسلامي لم تقف عند حد أنها ربة بيت فحسب- علي الرغم من أن مهمتها الأولي- بل تمتد إل بالمشاركة في الحياة العامة داخل المجتمع من خلال المشاركة بالرأي، والمشاركة في تعليم الصغار، والمشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمشاركة في المجال الطبي والتمريضي والمشاركة حتى في الجهاد...وغيرها من الوظائف العامة والأعمال المشروعة التي تحسن أداءها ولا تتنافي مع طبيعتها كأنثى، أو تتعارض مع الخلق الكريم، وقيامها بواجباتها المنزلية نحو أولادها وزوجها وبيتها- لان هذا هو الأصل في حياتها- فليس في شريعة الإسلام ما يمنع المرأة من أن تكون مدرسة أو تاجرة، أو في أي عمل شريف حلال، تبغي من ورائه الرزق الحلال الذي يغنيها عن سؤال الناس وتؤديه بعفاف واحتشام، وستر لما أمر الله بستره منها.(92)
في ضوء كل الأسباب السابقة أشار بعض الفقهاء أن ما يجب أن تتعلمه المرأة نوعان.(93)
1- فرض عين: وهو الذي تصح بها عبادتها وعقيدتها وأمور دينها، تحسن به تدبير منزلها وتربية أولادها، وتشمل العلوم الدينية حتى تعرف أمور دينها وعلوم العربية من نحو وصرف وبلاغة ونقد باعتبارها من الوسائل التي تتعرف بها علي العلوم الدينية بالإضافة إلي ما يساعدها علي أداء مهمتها السابقة
2- فرض كفاية: ويشمل كل ما هو ضروري ولازم لنهضة الأمة والمجتمع، والذي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فإذا كان المجتمع في حاجة إلي طبيبات لأمراض النساء والطفولة تكفين حاجة المجتمع، لزم إعداد عدد كاف من الطبيبات لهذا الغرض، كذلك الحال بالنسبة للتمريض والتدريس...وغيرها. وإذا اقتضي الأمر شغل أيدي الرجال عن الأعمال المدنية- إبان المعركة أو الاستعداد لها مثلا- واحتياج إلي أن تشغل المرأة مكانها فتعليمها وإعدادها لذلك العمل يكون واجبا، أما إذا لم تكن ضرورات تفرض علي هذه الأمة إعداد النساء لثقافة معينة، فإن ثقافة المرأة المسلمة يجب أن تتجه إلي ما يخدم وظيفتها الطبيعية وهي رعاية البيت من طهي وحياكة وحضانة وعلم التغذية، ومبادئ الصحة العامة والوقائية، ودراسة علم نفس الطفل، وقسط من الفنون يساعد علي التذوق الفني ويعين علي تنسيق البيت.

ويرى الباحث أنه طالما لا يوجد محظور في العلم- سواء للرجل أو للمرأة- وأن الإسلام نهي فقط عن تعلم السحر واعتبره كفرا أو قرينا للكفر، وما وراء ذلك فلا يخرج عن إطار الفريضة والإباحة، وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول "أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فإن حسن قيام المرأة بدورها في المجتمع ودورها كربة بيت بصفة خاصة- باعتبارها مهمتها الأولي- يتطلب ضرورة إطلاق الحرية لها في أن تتعلم العلوم المختلفة لمن تريد، طالما كان هذا التعليم يتم في إطار من العفة والاحتشام وفي ضوء تعاليم الإسلام وأوامره، ومادامت لا تتعدى الحدود التي وضعها المشرع لبنات جنسها.
فنحن نعيش في عصر يتسم بالانفجارات المعرفية والتقدم الهائل في العلوم المختلفة بشكل لم يسبق له مثيل، وبسرعة معدلات التغيير، ودخول التكنولوجيا الحديثة إلي كل جانب أو قطاع من قطاعات المجتمع، وبصفة خاصة المنزل، فتقدم وسائل الاتصال الجماهيري المسموعة والمرئية والمقروءة، بالإضافة إلي ما يشهده المنزل الحديث من تكنولوجيا حديثة، يجعل من الضروري للمرأة ألا يقف تعليمها عند حد معين، بل لابد أن تكون علي إلمام بكل ما هو جديد وحديث، حتى تستطيع أن تؤدي دورها في المنزل وتجيب علي العديد من تساؤلات أطفالها. كما تتطلب ضرورة أن تتنوع وتتعدد الدراسات والبرامج المقدمة لها، وكذلك لابد أن يختلف نوع التعليم باختلاف احتياجات المرأة من بيئة إلي أخري، فاحتياجات المرأة في الريف تختلف عن احتياجاتها في الحضر، كذلك لابد أن يختلف التعليم باختلاف السن والخصائص النفسية، فاحتياجات الأطفال غير احتياجات المراهقين، كما يتطلب- أيضا- ضرورة التوازن والتكامل في أنواع التعليم المختلفة، التعليم الأكاديمي والفني، والتعليم النظامي وغير النظامي، وألا يقتصر تعليم المرأة علي الدراسات النظرية أو التعليم النظامي فقط، ووضع سياسات عامة وبرامج طموحة لمحو الأمية بين النساء العربيات، والتدريب علي تكنولوجيا المنزل الحديث، ولتوعيتهن بمشكلات المجتمع العربي.
فتعليم المرأة من المنظور الإسلامي ليس بدعه ولكنه مبدأ أساسي وفريضة واجبة علي المرأة والرجل علي حد سواء.
مراجع الدراسة
1- محمد الرميحي: خطاب مفتوح إلي النساء العربيات- مجلة العربي- العدد (321)- وزارة الإعلام- الكويت- أغسطس 1985، ص8-16.
أنظر أيضا: عبد الحميد الغزالي: كيف تسهم المرأة في تنمية المجتمع- مجلة لواء الإسلام- السنة (46) العددان 6،7 صفر ربيع أول 1412هـ-القاهرة، 1991.ص 53.
2- محمد عثمان صالح: دور الجامعة العربية في تعزيز مكانة المرأة العربية وتمكينها من المساهمة الفعالة في التنمية- أراء (عدد خاص عن التعليم الوظيفي للمرأة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية)- المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي بسرس الليان- أكتوبر 1975. ص170.
3- أبو الاعلي المودودى: الحجاب- دار التراث العربي للطباعة والنشر- القاهرة- د.ت ص125.
4- قاسم أمين: تحرير المرأة- دار المعارف- القاهرة- 1980 ص42-43.
5- علية حسن حسين: دور المرأة في تنمية المجتمعات الصحراوية- المجلة الاجتماعية القومية- المجلد (14)، العدد (1-3)- المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- القاهرة- 1977، ص222.
انظر أيضا: مناع القطان: مدي إعدادات الجامعات في الوقت الحاضر للفتيات للإسهام في تنمية مجتمعاتهن، بحث مقدم إلي مؤتمر الشباب والتنمية من منظور الإسلام الذي أنعقد بجامعة المنوفية بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية في المدة من 17-19 نوفمبر 1990.ص1.
-      محمد عطية الابراشي: التربية الإسلامية وفلاسفتها- ط3- دار الفكر العربي القاهرة- 1976، ص133.
6- بيومي محمد ضحاوى: التوازن المفقود بين الأسرة والمدرسة- بحوث المؤتمر السنوي الأول للطفل المصري "تنشئته ورعايته"- المجلد الثاني- مركز دراسات الطفولة- جامعة عين شمس- 1988، ص57-58.
7- عبد التواب يوسف: المرأة ومحو الأمية وتعليم الكبار- آراء- مرجع سابق، ص30.
8- منير بشور: تكافؤ الفرص التعليمية في البلاد العربية- المجلة العربية للتربية- المجلد التاسع- العدد الثاني المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- سبتمبر 1989. ص32-42.
أنظر أيضا: لاليتارامواس: محو أمية النساء، مطلب عدالة- مستقبليات- المجلد(19) العدد الرابع- مركز مطبوعات اليونسكو- القاهرة- 1989. ص580.
-      جلال الدين بلال عوض: دور المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في تعزيز مشاركة المرأة الريفية في عملية التنمية في المنطقة العربية- التربية الجديدة- العدد (49)- السنة (17)- مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في البلاد العربية- بيروت- إبريل 1990- ص69.
9- الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: التعداد العام الحادي عشر للسكان والمنشآت خصائص السكان والظروف المكانية وإجمالي الجمهورية- مرجع رقم 861/89/أم.ت- القاهرة- يونيو- 1990، ص84.
-      الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: الكتاب الإحصائي السنوي لجمهورية مصر العربية (52-1979)- القاهرة- يوليو- 1980، ص168.
-      حمدي عبد اللطيف: أثر قيمة التعليم وعمل المرأة علي نوع النشاط الاقتصادي المصري- مجلة العلوم الاجتماعية المجلد (16)- العدد(3)- جامعة الكويت- خريف 1988. ص131.
10 -سمير لويس سعد: استيعاب الأطفال الملزمين في مدارس التعليم الأساسي مسح شامل لمنطقة حضرية وريفية- المركز القومي للبحوث التربوية- القاهرة- سبتمبر1982 ص61.
11- حسان محمد حسان: تاريخ تعليم البنت في مصر، تاريخ وقضايا- آراء- السنة التاسعة- العدد الثالث- المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي بسرس الليان- 1979، ص49-50.
12- محمد العوضي جلال الدين: التمييز بين الذكور والإناث وانعكاساتها علي وضع المرأة ودورها في المجتمع مثال "الأردن والسودان"- مجلة العلوم الاجتماعية- المجلد (12)- العدد (3)- جامعة الكويت- خريف 1984، ص33.
أنظر أيضا: زينب عبد الرشيد محمد: تعليم المرأة العربية وعلاقتها الوظيفية بالتنمية- مجلة اليقظة القومية- السنة (5)- العدد (7)- القاهرة- يوليو 1989.
-      سمير عبده: المرأة العربية بين التخلف والتحرر- دار الأفاق الجديدة- بيروت. 1980.
13- زينب محمد فريد: تعليم المرأة العربية في التراث وفي المجتمعات العربية المعاصرة- الأنجلو المصرية- القاهرة- د.ت. ص110.
14- عمر عبيد حسنه: مقدمة كتاب ماجد عرسان الكيلاني: مقومات الشخصية المسلمة أو الإنسان الصالح، كتاب الأمة- العدد (29) طبقة خاصة بمصر تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم- القاهرة- مايو 1991. ص24.
15- أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: البيان والتبيان- ج2- تحقيق وشرح عبد السلام هارون- الطبع الخامسة- مكتبة الخانجي- القاهرة- 1985. ص180.
16- أبو الحسن علي بن محمد بن خلف القابس: الرسالة المفصلة لأحوال المعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين- دار المعارف- القاهرة- 1980- ص289.
17- محمد منير مرسي: دراسة عن تعليم المرأة في الإسلام- مجلة التربية القطرية- السنة (20)- العدد (92)- يناير 1990. ص86.
18- حسان محمد حسان: مرجع سابق. ص57.
19- محمد أحمد الصادق كيلاني: الطبيعة الإنسانية في القرآن الكريم- مجلة كلية التربية- جامعة المنوفية، السنة الثالثة- العدد الثالث- جزء أول، 1988، ص277.
20- سورة النساء، آية 1.
21- سورة الأعراف، آية 189.
22- سورة الأنعام:، آية 98.
23- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي: الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير- دار القلم للتراث- القاهرة- د.ت. ص91.
24- عمر عبيد حسنه: مرجع سابق. ص24.
25- سورة النساء: آية 34.
26- زينب رضوان: مكانة المرأة في التشريع الإسلامي- المجلة الاجتماعية القومية- مرجع سابق. ص276.
27- سورة الأحزاب: آية 35.
28- محمد الغزالي وآخرون: المرأة في الإسلام- مطبعة أخبار اليوم- القاهرة- 1991. ص48.
29- سورة النحل: آية 97.
30- سورة النساء: آية 124.
31- سورة التوبة: الآيتان 71، 72.
32- زينب رضوان: مرجع سابق ص268.
33- سورة آل عمران: آية 33.
34- سورة آل عمران: آية 42.
35- سورة آل عمران: آية 35، 36، 37.
36- سورة الممتحنة: الآية 12.
37- سورة المجادلة: آية 1.
38- محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة- دار الشروق- ط16- القاهرة- 1990- ص227.
39- محمد فتح الله الزيادى: تأملات في قضايا المرأة المسلمة- كلية الدعوة الإسلامية- طرابلس 1990- ص25.
40- سورة الأعراف: آية 20.
41- سورة البقرة: آية 36.
42- سورة طه: آية 121.
43- سورة التكوير: الآيتان 8، 9.
44- سورة الأنعام: آية 140.
45- سورة النحل: آية 58.
46- سورة الشورى: الآيتان 49، 50.
47- سورة الإسراء: آية 23.
48- سورة الأحقاف: آية 15.
49- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي: مرجع سابق ص156.
انظر: محمد الحاق: رحمة الإسلام بالنساء- دار الأنصار بالقاهرة- د.ت ص6- 12.
50- سورة النساء: آية 19.
51- جلال الدين عبد الرحمن أبو بكر السيوطي: مرجع سابق ص37، 150.
52- المرجع السابق ص294.
53- سعيد إسماعيل علي: ديمقراطية التربية الإسلامية- عالم الكتب- القاهرة- 1982. ص98- 103.
54- سورة البقرة: آية 229.
55- سورة النساء: آية 4.
56- محمد الغزالي وآخرون: مرجع سابق, ص63.
57- زينب رضوان: مرجع سابق. ص275.
58- سعيد إسماعيل علي: مرجع سابق. ص103.
انظر في ذلك:-
-      زغلول راغب النجار: أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية- المعهد العالي للفكر الإسلامي- مكة المكرمة- 1990. ص110- 116.
-      عبد الفتاح جلال: من الأصول التربوية في الإسلام- المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي- سرس الليان- 1977. ص22، 23.
-      عبد الغني عبود: في التربية الإسلامية- دار الفكر العربي- القاهرة- 1977، 161- 164.
-      محمد الغزالي وآخرون: مرجع سابق. ص57- 60.
59- سورة العلق: آيات 1- 5.
60- سورة القلم: آية 1.
61- سورة الطور: آيات 1- 3.
62- سورة طه: آية 114.
63- سورة آل عمران: آية 18.
64- سورة فاطر: آية 28.
65- سورة العنكبوت: آية 43.
66- سورة الزمر: آية 9.
67- سورة المجادلة: آية 11.
68- سورة البقرة: آية 269.
69- جلال الدين عبد الرحمن أبو بكر السيوطي: مرجع سابق- ص194، 307، 311، 216.
70- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: صحيح البخاري بحاشية السندى- المجلد الثاني- الجزء الثالث- مطبعة دار إحياء الكتب العربية- القاهرة- د.ت. ص240.
71- سورة البقرة: آية 282.
72- سعيد إسماعيل علي: مرجع سابق. ص110.
73- محمد الغزالي وآخرون: مرجع سابق. ص59.
74- سعيد إسماعيل علي: مرجع سابق. ص108.
75- الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري- الجزء الأول- دار الريان للتراث- القاهرة- 1986، ص236 (كتاب العلم).
76- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري- مرجع سابق- ص263 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة).
77- الإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني- مرجع سابق. ص232 (كتاب العلم).
78- سورة الأحزاب: آية 34.
79- الإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني- مرجع سابق، ص494 (كتاب الحيض).
80- محمد الغزالي وآخرون: ص118، 119.
81- الإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني: مرجع سابق، ص276 (كتاب العلم).
82- عبد الحي الفرماوي: صحوة في عالم المرأة- مكتبة التراث الإسلامي- القاهرة، 1984، ص92- 94.
83- الإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني: مرجع سابق، ص237 (كتاب العلم).
84- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري- مرجع سابق، ج42- 43 (باب اللباس والزينة).
85- البلاذري: فتوح البلدان- القاهرة- القاهرة 1350هـ ص458 مأخوذ عن أحمد شلبي: التربية والتعليم في الفكر الإسلامي وجوانب التاريخ والنظم والفلسفة- دار النهضة المصرية- ط8- القاهرة- 1987. ص340.
86- أحمد شلبي: مرجع سابق. ص343.
87- سعيد إسماعيل علي: مرجع سابق. ص110.
88- ابن حزم: طوق الحمامة في الألفة والالاف، تحقيق صلاح الدين القاسمي- دار الشروق الثقافية العامة (آفاق عربية) بغداد- 1986، ص121.
89- محمد الغزالي وآخرون: مرجع سابق، ص58، 59.
90- زينب محمد فريد: مرجع سابق. ص8- 27.
انظر أيضا: محمد عطية الإبراشي: مكانة المرأة في الإسلام- مكتبة مصر- القاهرة 1980 ص131- 146.
91- عبد الرحمن النقيب: ديمقراطية التعليم في عصور الازدهار الإسلامي "دروس مستقاة" في الكتاب السنوي في التربية وعلم النفس- المجلد العاشر- تحرير سعيد إسماعيل علي- دار الثقافة للطباعة والنشر- القاهرة، 1985- ص203.
92- محمد الغزالي وآخرون: مرجع سابق ص68.
93- عبد المتعال الجبري: المرأة في التصور الإسلامي- ط6- مكتبة وهبة- القاهرة- 1983. ص63.
أنظر أيضا:
-      منير محمد الغضبان: أيتها الفتاة المسلمة، ط4- مكتبة المنار- الأردن- 1984- ص9- 39.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق