جامعة المنوفية
كلية التربية
قسم أصول التربية
بحث في
تكافؤ الفرص التعليمية، المفهوم
ومظاهر التطبيق
في عصور الازدهار الإسلامي
–
مجلة البحوث النفسية والتربوية – العدد الثالث –السنة التاسعة – كلية
التربية – جامعة المنوفية – 1993 .
مقدم إلى
أ.د/جمال على الدهشان
مقدمة
نال موضوع تكافؤ الفرص التعليمية،
اهتمام العديد من الباحثين والمهتمين بشئون التربية والتعليم من حيث تحديد مفهومه وجوانبه
الأساسية التي يشعلها وكيفية تطبيقه، والمعوقات التي تحول دون تحقيق ذلك، فلو فحصنا
المفاهيم والقضايا المرتبطة بالتربية، سنجد أنه ما من مفهوم أو قضية جذبت اهتمام المشتغلين
بالتربية والاجتماع التربوي وشغلت تفكيرهم خلال القرن العشرين، مثلما حدث بالنسبة لهذه
القضية.
وإذا كان البعض يعتقد أن مبدأ
تكافؤ الفرص التعليمية هو أحد ثمار الثورات والحركات المعاصرة، وانتشار المبادئ الديمقراطية
انتشاراً كبيرا بعد الحرب العالمية الثانية، وسعي الدول جميعا لتحقيق هذه المبادئ فإن
الدراسة المتعمقة تشير إلي أن لهذا المبدأ جذوره التاريخية العميقة، حيث تناوله كثير
من الفلاسفة والمفكرين عبر عصور التاريخ المختلفة، بدءاً من أفلاطون – حيث جعل المرحلة
الأولي قي نظامي التعليمي من 7 – 18 سنة عامة لجميع الأفراد كما أنه لم يفرق بين المرأة
والرجل.2- ومروراً بأرسطو وكونيتليان، والقديس أغسطين والإمام الغزالي، وانتهاءا بجون
وديوي وطه حسين وغيرهما من المربين والفلاسفة المعاصرين، فقضية تكافؤ الفرص التعليمية
تعد من القضايا القديمة والمتجددة باستمرار، فهي إن كانت ترتبط بحق الإنسان في التعليم باعتباره حقاً من حقوقه
الأساسية، غير أن مفهوم وأبعاد تكافؤ الفرص التعليمية نفسه يتطور باستمرار، ويتطلب
تغييرات قي نظم التعليم.
ومن ناحية أخري فإنه إذا كانت الدول المتقدمة فقد سبقت غيرها
قي تبني هذا المبدأ محاولة تطبيقه، فإن الدول النامية ومن بينها مصر ما لبثت ان إتخذت
نفس المسار خاصة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ولكن برغم الجهود التي بذلتها
وتبذلها حكومات تلك الدول قي محاولاتها هذا المبدأ فإنها تواجه مشكلات من طبيعة تربوية
واقتصادية واجتماعية وسياسية، ويرجع جانب كبير من هذه المشكلات إلي سوء فهم بعض القائمين
بالعملية التعليمية، خاصة قي المجتمعات النامية بل وبعض أفراد المجتمع، لمفهوم تكافؤ
الفرص التعليمية ومستوياته، والقضايا المرتبطة به، وكيفية تطبيقه، الأمر الذي يتطلب
ضرورة دراسة هذا المفهوم وأبعاده المختلفة ومحاولة الاستفادة من التجارب السابقة، أو
التجارب المعاصرة قي دول أخري حققت تقدماً كبيراً قي مجال تحديد مفهوم وأبعاد كيفية
تطبيق هذا المبدأ. ومما تجدر الإشارة إليه انه انطلاقاً من أهمية قضية تكافؤ الفرص
التعليمية فقد تناولتها دراسات عديدة من جانب المتخصصين قي مجال التربية حيث سعت بعض
هذه الدراسات إلي تحليل وتفسير مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية لتوضيح جوانبه المختلفة،
والمسارات التي يمكن تطبيقه من خلالها، وإن كان ذلك قد تم اعتماداً علي إيديولوجيات
ومصادر أجنبية غربية أو شرقية قي حين تناولت دراسات أخري جانب أو جوانب محددة من هذا
المبدأ كمجانية التعليم أو سياسة القبول مثلا، واهتمت دراسات ثالثة بواقع تطبيق هذا
المبدأ ماله وما عليه قي المجتمع المصري، وما يجب القيام به لسد الثغرات بين الفكرة
والتطبيق، وهذا بالإضافة إلي الدراسات التي تناوله من زاوية مقارنة من خلال المقارنة
بين واقع ووسائل تحقيق هذا المبدأ قي دول مختلفة من بينها مصر.
وإذا كانت الدراسة التحليلية لمبدأ تكافؤ الفرص الضرورية،
والدراسة الواقعية له أكثر ضرورية وكذلك الدراسات المقارنة للاستفادة من تجارب الدول
الأخرى قي مجال تطبيقه، فإنه استكمالاً لدراسة هذا المبدأ الهام يتطلب الأمر ضرورة
الرجوع إلي تراثنا التربوي الإسلامي نحاول أن نستلهم تجاربه وخبراته قي مجال تطبيق
هذا المبدأ ومدي إمكانية الإفادة منها قي إصلاح جوانب القصور قي نظامنا التعليمي خاصة
ما يتعلق منها بمتطلبات هذا المبدأ، وجوانبه المختلفة.
والواقع أنه مع وعينا الكامل بأن لكل عصر قواعده وقوانينه
وظروفه، مما يوجب الحرص قي استخدام مصطلحات العصر الحديث تفسيراً لأحداث وقعت قي العالم
العربي والإسلامي منذ قرون عديدة ، أو أخذ بعض تجارب قي عصور سابقة لحل مشكلات تربوية
معاصرة، وخاصة أن هناك متغيرات تربوية عالمية قد حدثت قي معظم جوانب التربية إلا أننا
قي الوقت نفسه نشعر بقدر غير قليل من حرية الحركة عندما نكون بأداء مبدأ إنساني يستطيع
أن يقف عليه كل دارس للتاريخ البشري قي أي زمان وقي أي مكان.
كما أن تلك المتغيرات التي حدثت في مجال التربية، لا يمكن
أن تقلل من أهمية دراسة التراث التربوي الإسلامي عند دراسة بعض المفاهيم والمشكلات
التربوية المعاصرة، خاصة في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية، فهذا التراث يشتمل علي
أراء عديدة في مجال التربية والتعليم، وتجاب سابقة استطاع المسلمون الأوائل من خلالها
إعداد إنسان جديد أقام حضارة عالمية مازال العالم يقف أمام أعلامها وفلاسفتها وعلمائها
وأدبائها شاعراً بالفضل لها. هذه الحضارة كان
من أهم دعائمها التربية بمفاهيمها ومؤسساتها ونظمها، فلقد كانت التربية هي السبيل الذي
سلكه محمد صلي الله عليه وسلم لأحداث أعمق تغير أيديولوجي عرفه التاريخ قي نفس الإنسان،
بل استطاع من خلالها أن يربي رجالاً قضوا قي سنوات قليلة علي معاقل الشرك والوثنية
قي مكة المكرمة، وأقاموا للإسلام دولة حلت محل أكبر إمبراطوريتين قي ذلك الوقت وهما
الفرس والروم، كل ذلك قي أقل من ثلث قرن من الزمان.
ومن ناحية أخري فإن الدعوة إلي الاهتمام بتراثنا التربوي
قراءة ودراسة تتواكب مع الاتجاه العالمي السائد حالياًَ، والذي يدعو إلي ضرورة الاهتمام
بثقافة الشعوب الخاصة وعدم دمجها بالكامل قي تيار الثقافات المستوردة وهو اتجاه تبناه
اليونسكو قي السنوات الأخيرة وخاصة مجلتيها الدوريتين (رسالة اليونسكو) " والثقافات
" وتتبناه أيضاً المؤتمرات التربوية المنعقدة قي معظم البلدان العربية والإسلامية،
ومثيلاتها من الدول النامية.
مشكلة الدراسة
فى ضوء ما سبق تتحدد الدراسة الحالية قي محاولة الإجابة
عن الأسئلة التالية:
1. ما معني تكافؤ الفرص التعليمية وما الأركان الرئيسية التي يقوم عليها؟
2. ما أهم مظاهر تكافؤ الفرص التعليمية قي تراثنا التربوي الإسلامي؟
3. ما أهم الجوانب التي يمكن الاستفادة منها قي مجال تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية
قي وقتنا الحالي؟
هدف الدراسة
تسعي الدراسة الحالية إلي التعرف علي بعض مظاهر تكافؤ الفرص التعليمية
قي التراث الإسلامي، وكيفية الاستفادة من ذلك قي تشخيص بعض المشكلات قي مجال تطبيق
هذا المبدأ، وقي البحث عن حلول لهذه المشكلات.
أهمية الدراسة
تكمن
أهمية هذه الدراسة في النواحي التالية:
1. أنها تتناول قضية من أهم القضايا التربوية، والتي أثارت وما زالت تثير كثيرا
من الجدل والحوار حول تحديد مفهومها، وأبعادها وجوانبها المختلفة ومشكلات تطبيقها قي
الواقع التعليمي المصري.
2. أنها تبحث عن مظاهر تكافؤ الفرص
التعليمية قي عصور الازدهار الإسلامي والتي شهدت أيضاً نهضة تربوية، وأسهمت قي تربية
رجال كانوا وما زالوا نماذج فريدة الأمر الذي يمكن أن يساعد قي الاستفادة من بعض جوانب
هذه النهضة قي إصلاح بعض مشكلات واقعنا التعليمي.
خطة الدراسة
في ضوء الأسئلة السابقة سارت خطة الدراسة وفق ثلاث خطوات
علي النحو التالي:
أولاً: معني تكافؤ الفرص التعليمية
وأركانه الأساسية:
اختلفت الآراء والتفسيرات حول معني تكافؤ الفرص التعليمية، نظراً لتعدد
جوانبه وإبعاده، كما قد يرجع هذا الاختلاف إلي ارتباط هذا المبدأ بالفلسفة الخاصة بكل
دولة، أو بطبيعة النظام السياسي بها، هذا بالإضافة إلي أن هذا المبدأ أقرب إلي النظرية
منه إلي وصف واقع حقيقي، فتكافؤ الفرص التعليمية لا يقصد وصف حالة حقيقية وإنما ما
يجب أن يكون.
فتكافؤ الفرص التعليمية يعني عند البعض توفير فرص تعليمية متكافئة لكل
فرد بما تسمح به استعداداته وقدراته بصرف النظر عن المستوي الاقتصادي الاجتماعي، بمعني
أن يستطيع كل فرد أن يجد الفرص التعليمية المناسبة لميوله واتجاهاته، وأن يتعلم إلي
أقصي حد تؤهله له قدراته واستعداداته بصرف النظر عن وضعه الاقتصادي أو الاجتماعي أو
الديني أو كونه ذكراً أم أنثي هو ما يتطلب تنوعاً قي مراحل التعليم وشعبه وتخصصاته،
مع تحقيق مجانية لهؤلاء الذين تسمح لهم قدراتهم بمواصلة التعليم والاستفادة منه.
ويري البعض الآخر أن تكافؤ الفرص التعليمية لا يعني فقط المساواة قي
حق التعليم لكل الأفراد بل الأهم من هذه المساواة، هو المساواة قي الفرص التي تمكن
الطالب من التخرج والنجاح، فتكافؤ الفرص قي التعليم يتضمن بالإضافة إلي التكافؤ قي
فرص القبول والالتحاق، تكافؤ قي فرص الاستمرار فيه والنجاح والتحصيل والانجاز، فلا
خير من إتاحة فرص متساوية في مرحلة من مراحل التعليم بدون توافر المدخلات التى تمكن
التلاميذ من النجاح والاستمرار فى الدراسة والاستفادة مما يقدم لهم من خبرات.
وتضيف مجموعة ثالثة من الباحثين بعداً جديدا فى تحديد معنى تكافؤ الفرص
التعليمية يتمثل فى المساواة فى فرص العمل بعد التخرج، بما يجعل من التعليم وسيلة للتخلص
من العوائق الاقتصادية والجغرافية والاجتماعية التى تمنع القادرين ذهنياً من بين فئات
الدخل المحدود فى المجتمع من الاستفادة من قدراتهم على التعلم بما يؤهلهم للترقي الاجتماعي
فعدم اطمئنان الفرد على هذا الجانب يقلل بدرجة كبيرة من اقباله على التعليم.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الفرصة التعليمية لا تعنى التعليم فى
المدارس على اختلاف أنواعها فقط، انها تشمل أيضاً ألوان البرامج التعليمية والتدريبية
المنظمة أثناء العمل وقبله، أي كل تلك الأنشطة التى تقع فى مجال ما يسمي بالتربية غير
المدرسية أو التعليم غير الرسمي، مثل أنواع البرامج التدريبية للعمال والفلاحين، وبرامج
التدريب التجديدية للعاملين فى مختلف القطاعات والبرامج الإضافية التى تقدمها بعض الجامعات
لأفراد البيئة المحلية وخريجيها، وكذلك من الفرص التعليمية والتربوية أيضاً ما يشمل
ألوان التربية غير المقصودة الموجودة فى المجتمع والتى تشمل الكتب والصحف والمجلات
بأشكالها المتعددة، والأفلام والبرامج الإذاعية والتليفزيونية ذات الأهداف التربوية،
وهى تشمل فوق كل هذا أنواع الخبرات التعليمية التي يحصل عليها الأفراد في بيئتهم الاجتماعية
عامة وفى محيط الأسرة والبيت على وجه الخصوص كما أن مفهوم التكافؤ لا يعنى التماثل
على الإطلاق، أى أن تكون فرص التعليم التى تتاح لكل فرد هى نفس الفرص التي تتاح لأي
فرد آخر فى نوعها ومداها ومقتضياتها، وإنما يعنى هذا التكافؤ أن تتاح للتلاميذ أن يبدءوا
فرصهم التعليمية من خط واحد، وأن يتم تقدمهم ونموهم بعد ذلك حسب جهودهم فى التحصيل
وطاقاتهم على النمو، بمعنى أن يتاح لأرباب القدرة المتشابهة – بصرف النظر عن انتمائهم
الطبقي أو وسطهم الاجتماعي أو بيئتهم الجغرافية – أن يتمتعوا بنفس الفرص من التعليم
في مضمونه ومداره (20).
مما سبق يتضح أن تكافؤ الفرص التعليمية يعني أن يكون لكل فرد في المجتمع فرصة
متكافئة مع غيره في الالتحاق بالتعليم – النظامي وغير النظامي وكل ألوان التربية غير
المقصودة – والاستمرار فيه بقدر ما تؤهله قدراته واستعداداته العقلية وميوله وجهده
الذاتي, وأن يحصل على نصيب متكافئ من الخدمات
التعليمية التي تقدمها حكومته، وألا يعوقه أي عامل خارجي من الحصول على هذه الفرصة
سواء تعلق العامل بظروف التعليم الداخلية أم تعلق بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والأسرية
في المجتمع ككل وكذا حقه في الحصول على فرصة متكافئة مع غيره في شغل الوظيفة التى تتفق
مع الشهادة الدراسية أو الدرجة الجامعية الحاصل عليها.
الأركان الرئيسية التى يقوم
عليها مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية:
فى ضوء التعريف السابق
يتضح أن مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية يتضمن أركان أو مستويات أربعة لابد من توافرها
هى:
1. التكافؤ أو العدالة فى القبول والالتحاق:
يتمثل هذا المستوى فى مظهرين أولهما مجانية التعليم بحيث
لا يقف المال حائلاً بين المواطن وبين الحصول على ذلك الحق الأساسي من حقوق المواطنة،
وثانيها يتمثل فى الاستناد إلى مقياس موضوعي للمفاضلة بين المقبولين، إذا لم تتسع الأماكن
لهم، مثل مجموع الدرجات، السن، اللياقة الصحية وما إلى ذلك بعيداً عن التحيز لفئة معينة
أو منطقة دون آخر.
2. التكافؤ أو العدالة فى ظروف التعليم الداخلية أو ما يطلق
عليه عدالة المعاملة:
وهو يشير إلى ضرورة حصول كل فرد على فرصة متكافئة مع غيره فى الاستفادة من العناصر
التعليمية التى تقدمها الدولة، وأن توزع هذه العناصر التعليمية بالتساوي بقدر الإمكان
بين جميع المدارس ذات المرحلة التعليمية الواحدة، والتى تقع تحت مظلة الحكومة والمنتشرة
فى جميع أنحاء الدولة، إذ قد نعدل بين الطلاب فى القبول ثم نميز بينهم بمعاملة بعضهم
معاملة خاصة بسبب الفروق الاجتماعية أو المراكز الإدارية أو العقائد الدينية أو الاختلافات
الحزبية وهكذا. فالتفاوت فى مدخلات العملية التعليمية أو ظروف التعليم الداخلية مثل
مدى حداثة أو قدم المبنى المدرسى، مستوى التجهيزات المدرسية، كثافة الفصل، مستوى اعداد
المعلم وغيرها. لها أثر على التفاوت فى الانجاز الدراسي وهو ما يجعل الاقتصار على التكافؤ
فى القبول غير كاف لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.
ومما تجدر الإشارة إليه أن عدالة المعاملة لا تعنى معاملة متشابهة لكل
الأشخاص إن لم يكن هناك ظروف متشابهة إلى حد ما ولكنها تعنى أن يعامل كل الأفراد بالتساوي
(غير التشابه) وان لا تعطى معاملة أفضل لأي شخص لاعتبارات أو امتيازات خاصة، ما لم
يكن هناك مبررات يمكن أن تفسر الاختلافات فى المعاملة كأن تكون مبنية على أساس الجدارة
أو الحاجة أو الأهمية للمجتمع، فإذا كنا نؤكد على ضرورة العدالة فى المعاملة فإن هناك
ظروف عديدة تكون أساساً للاختلافات فى المعاملة بين الأشخاص، ويصبح توحيد المعاملة
فى ظلها أمراً غير عادل، فالإعانات المالية للطلاب توزع على أساس مدى حاجة الطلاب لهذه
الإعانات، ومن ثم يختلف مقدار الإعانة من طالب إلى آخ، وفى نفس الوقت توزع مكافآت التفوق
للطلاب المتفوقين فقط كل حسب تقديراته وغيرها الكثير.
3. التكافؤ أو العدالة فى الظروف الاجتماعية والاقتصادية فى
المجتمع أو ما يطلق عليه التكافؤ الاجتماعي:
ويقصد به أن يكون هناك تكافؤ أو تقارب بين الأفراد فى الفرص الاقتصادية والاجتماعية
لهم ولو بمقدار وبالحد الذى لا يسمح بضياع فرص التعليم على أحد أو تحديدها أو التأثير
فيه بسوء فالتكافؤ فى القبول، وفى ظروف التعليم الداخلية وإن كان ضرورياً لتكافؤ الفرص
التعليمية، إلا أنه يعتبر غير كاف، طالما يعانى بعض هؤلاء التلاميذ من ظروف اجتماعية
واقتصادية صعبة أو غير طبيعية، فعدم التكافؤ الاجتماعى يمكن أن يقف عقبة فى طريق تكافؤ
الفرص التعليمية، فالظروف العائلية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التى يعيش فيها
التلميذ لها آثارها على درجة تقبله للتعليم وعلى انجازه بالمدرسة وهو ما أكدت عليه
دراسات عديدة حتى أن احدي هذه الدراسات قد أشارت إلى أن حوالى نصف القرون فى التحصيل
الدراسى، ترجع إلى البيئة الأسرية للتلميذ متمثلة بصفة خاصة فى مستوى تعليم الأب والأم
فالظروف الأسرية والاجتماعية يمكن أن تقف حجر عثرة أمام استفادة بعض التلاميذ من الخدمات
التعليمية التى تقدم لهم، فالطلاب الذين يسيرون عدة كيلومترات إلى أن يصلوا إلى المدرسة،
لا يمكن أن يتساوي مع من يأتون بسيارات خاصة، والذين يتكدسون مع أربعة أو أكثر من الأخوة
فى غرفة واحدة غير هؤلاء الذين لا يزيدون عن أثنين، وكل منهما يستقل بحجرة وغيرها،
فمهما كانت هناك مجانية أو تكافؤ فى الالتحاق والمعاملة داخل المدرسة فإن التباينات
الطبقية التى تتبدي فى مثل هذه المظاهر، لابد أن تجعل من مبدأ تكافؤ الفرص شعاراً صعب
التحقيق ومن هنا تأتي التسهيلات الخاصة بالمواصلات والمعيشة والمنح التشجيعية للنابهين
من المتعلمين وممن ينتمون إلى أسر رقيقة الحال وغيرها من الخدمات باعتبارها ضرورة من
ضرورات تكافؤ الفرص التعليمية.
فالخدمات الاجتماعية التى تقدم للطلاب أصبحت لذلك تشكل جزءاً أساسياً
من مخططات أي نظام تعلميى حديث وانطلاقاً من ذلك لا يعنى تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية
على مستوى التعليم النظامي مجرد فتح أبواب المدارس وتيسير دخولها لكل المتعلمين فى
مختلف المناطق المحلية، بل لابد إلى جانب ذلك من تقديم بعض الخدمات التعليمية والصحية
والنفسية والاجتماعية والاقتصادية للمتعلمين حتى يمكن أن يستفيد كل متعلم استفادة حقيقية
من برامج التعليم التي تقدمها المدرسة، وإلا زادت نسبة الفاقد فى التعليم بسبب عدم
استفادة كثير من التلاميذ من برامج التعليم التى تقدمها المدرسة لظروف صحية أو نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية، تحول بينهم الاستفادة
من هذه البرامج.
فتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية لا يبدأ من داخل النظام التعليمى، بقدر
ما يبدأ أولاً من خلال توفير فرص وظروف اقتصادية واجتماعية متساوية. من خلال إزالة
أنواع الاختلافات التى يضمها المجتمع ونظمه بحيث تمنع هذه النظم امتيازات لطيفة بحكم
ولادتهم فى هذه الطبقة أو تحرم فريقاً أخر بحكم ولادته فى طبقة أخري.
ولذلك تزداد صعوبة تطبيق هذا المبدأ فى المجتمعات الاستبدادية والاقطاعية، التى
تتحكم فى مجريات أمورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية قلة أو طبقة معينة, تسخر
كل طبقات المجتمع لتحقيق أغراضها الذاتية ودون اعتبار لمصلحة أي من المجتمع أو الفرد,
ونتيجة لهذا الاستبداد تنتقل الامتيازات الطبقية من جيل الآباء إلي جيل الأبناء بغض
النظر عن قدرات هؤلاء الأبناء العقلية أو سماتهم الشخصية (33).
4. العدالة أو التكافؤ في فرص العمل بعد التخرج:
نظراً للارتباط الوثيق بين التعليم وسوق العمل, فإن تكافؤ الفرص التعليمية يتطلب
– في أحد مستوياته – العدالة في حصول كل فرد علي فرصة متكافئة مع غيره في شغل الوظيفة
التي تتفق مع الشهادة الدراسية أو الدرجة العلمية الحاصل عليها, ذلك أن التميز والتفرقة
في هذا الجانب – بما يجعل البعض يحصل علي أعمال أفضل وأسرع من البعض الآخر – يذهب بالكثير
من الآمال والطموحات التي تعد دافعاً أساسيا لإقبال الناس علي التعليم, ومن ثم فعدم
اطمئنان المواطن إلي هذا الجانب, لابد أن يقعد الكثيرين عن ولوج أبواب التعليم مهما
كان مجانياً (34).
ثانياً: بعض
مظاهر تكافؤ الفرص التعليمية في تراثنا الإسلامي:
بداية لابد أن نشير
إلي العلاقة الوثيقة بين الأيدلوجية السياسية والعقائدية التي سادت المجتمع الإسلامي
في عصور ازدهار ونظرة الإسلام لأهمية التعليم بالنسبة للفرد والمجتمع من ناحية وتطبيق
مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية من ناحية أخرى.
فلقد أكد الإسلام على مبدأ المساواة والعدالة في أكمل صورتهما وجعلهما من العقائد
الأساسية التي يجب أن يدين بها المسلم, فلا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأبيض علي أسود
إلا بالتقوى والعمل الصالح, وهو ما يتطلب ضرورة العلم والمعرفة, فأحد المسالك الرئيسية
للإيمان بالله وعبادته هي التأمل والتدبر والتفكير في آياته ومخلوقاته, هذا التأمل
والتدبر والتفكير لابد أن يقوم علي بحث ودراسة وتعليم وتعلم(35), فالعلم إذن هو المميز
بين فرد وآخر, وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى " قل هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب "(36).
ولذلك أكد الإسلام علي أهمية العلم والتعليم باعتباره فريضة إلهية, وضرورة إنسانية
وتكليفاً واجباً وملزماً, فالإسلام يعتبر العلم النافع مكملاً لإنسانية الإنسانية,
فهو الأساس في بناء الإنسان الصالح الجدير بخلافة الإنسان في الأرض, وبأن يقيم مجتمعاً
فاضلاً مؤسساً علي تحكيم شريعة الله وعلى تقواه (37), ولذلك أصبح الحاصلين علي العلم
في مرتبة عليا يقرنون فيها بالمؤمنين أو الملائكة وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى "
شهد الله إنه لا ألاه إلا هو والملائكة وأولو العلم قاماً بالقسط" (38), "يرفع
الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات"(39), ولهذا كام طبيعياً أن يكون
طلب العلم في الإسلام مجرد حق للفرد يحصل عليه أولاً, وإنما هو واجب عبر عنه الرسول
(صلي الله عليه وسلم) بقوله " طلب العلم فريضة علي
كل مسلم " (40).
ومن ناحية أخرى فإن المسلم إذا كان مطالباً بألا يقصر ما يحصل عليه من خير علي
شخصه وحده مصداقاً لحديث رسول الله (صلي الله عليه وسلم) " لا يؤمن أحدكم حتى لأخيه ما يحب لنفسه "
(41) بل لابد أن يفيض به علي الآخرين, ولما كان العلم صورة من صور الخير المأمور به
شرعاً باعتباره أحد المسالك إلي الفوز برضا الله عز وجل, وأحد أهم أوجه البر, ومجال
من مجالات المعروف فقد أيقن المسلمون أن قيامهم بواجب التعليم وتوفير مقوماته بما يتيح
فرص التعليم للآخرين غير المستطيعين, يدخل ضمن الفرائض الواجبة علي كل مسلم مستطيع
(42).
وفي ظل هذه التصورات أهتم المسلمون منذ مطلع العهد النبوي بالتعليم, واعتبروه
الوسيلة الرئيسية لنشر الدين الإسلامي, وأسسوا له مراكز ونظماً وطرائق ومنهجاً, وكتبوا
في العلاقة بين العلم والمتعلم, والأخلاق الواجبة لكل منهما والظروف التي تعين علي
التعلم, والعوائق التي يمكن أن تقف في سبيل ذلك, وقد كانت التربية تبدأ من الصفر في
الأسرة بالمحاكاة والتقليد ثم ينتقل الطفل بعد ذلك إلي الكتاب, والذي كان يعتبر مدرسة
لتحفيظ القرآن وتأديب الصغار, بعد ذلك ينتقل النابهون من خريجي الكتاب إلي حلقات العلم
في المدارس والمساجد حيث يتقنون علوم القرآن والحديث والفقه واللغة والمنطق ... وغيرها,
ثم ينتقل المتميزون من هؤلاء إلي حلقات المناظرة والجدل في الأماكن العامة وحوانيت
الوراقين(المكتبات) حيث كانت تعقد المناظرات وتروى الشعار, وتعرض القضايا العلمية والفكرية
والفلسفية (43).
ومن ناحية أخرى فإنه انطلاقا من اعتبار أن بذل العلم لأهله قربه إلي الله, وأن
الإنفاق علي العلم وطلبه أحد وجوه البر والمعروف, فقد تسابق كل مستطيع علي توفير مقوماته
– بالإضافة إلي السعي في طلبه وتعليمه – كي يتيح فرص التعليم للآخرين غير المستطيعين
بدءاً من أبسط أشكاله إلي أكثر تعقيداً, حيث أخذت الأموال تتدفق في صورة أوقاف يخصصها
الموسرون للإنفاق منها إقامة المؤسسات التعليمية, ودفع مرتبات المعلمين, بل قد وصل
الأمر إلي الإنفاق منها علي الطلاب أنفسهم, لا من حيث تحصيل العلم فقط, إنما في المسكن
والملبس والمأكل والمشرب, كما أولى المجتمع كله رجال العلم وطلابه كل جوانب الرعاية
والتقدير والتبجيل, وهو ما جعل الناس تقبل علي التعليم(44).
وكل هذه الأمور جعلت فرص التربية والتعليم متاحة لكل أفراد المجتمع الإسلامي
في عصوره ازدهاراً, طالما كانت لدى الفرد القدرة والاستعداد الشخصي لعملية التعلم,
وأن الفقر لم يقف عائقاً أمام الراغب في العلم والساعي إليه (45) وقد تمثلت مظاهر إتاحة
أو تكافؤ الفرص التعليمية أمام طلاب العلم في عصور الازدهار الإسلامي في الجوانب التالية:
1.
بساطة ويسر التحاق
الطلاب بالمؤسسات التعليمية, فالطالب في عصور الازدهار الإسلامية كان يتقدم إلي المؤسسة
التعليمية التي يريدها دون أن يطالب بدرهم واحد يدفعه, بالمسجد كان مفتوحاً للناس جميعاً,
وكانت حلقاته معدة لاستقبال الطلاب لتعليمهم بالمجان علي يد الأستاذ الذي يودون, وكانت
الحرية مكفولة للطالب في التنقل بين ما يشاء من الأساتذة دون قيد ولا شرط, كما كان
له مطلق الحرية في اختيار ما يشاء من مواد الدراسة والإعراض عما لا يميل إليه
(46). كما كان الكتاب عاماً للجميع يتعلم فيه الغنى إلى جانب الفقير، كما لم تكن هناك
مدارس خاصة بالفقراء وغيرها للأغنياء أو لطبقة مخصوصة من أبناء الشعب، وإنما كان الاعتقاد
عاما بضرورة جعل التعليم فى متناول الجميع،
وعدم استئثار طبقة به دون أخرى لأن تلقى العلم كان بمثابة فريضة على جميع المسلمين،
وقد حذر بعض العلماء والفقهاء معلمى الكتاتيب من تفضيل أبناء الأغنياء على الفقراء
فى التعليم (47). كما كانت طريقة التحاق الطلاب بالمدرسة غاية فى البساطة واليسر، حيث
فتحت المدارس أبوابها لكل طالب علم دون أن تشترط لدراسته شروطاً، اللهم الا استعداد
الطالب نفسه ورغبته فى الدراسة وتقبل العلم، كما أنها لم تحدد سن معينة لالتحاق الطالب
بالمدارس أو مستوى معين من الدراسة، وهو ما ساعد على أن امتلأت المدارس بالدارسين وطلاب
العلم فقراء وأغنياء (48).
2.
كانت معاملة المعلمين
لطلابهم مظهراً هاماً من مظاهر تكافؤ الفرص التعليمية، فقد حرص كل معلم على ألا يكون
فى مجلسه مكان مميز لأحد الناس – إلا لمصلحة ظاهرة، أو اما يتميز به من الفضل فى العلم
– بل كان الجميع عنده سواء كان المجتمع عنده سواء، ومن سبق من الطلاب إلى موضع من المكان
المخصص لهم جلس فيه، ولم تكن المسألة مسألة جلوس فقط، وإنما كان على المعلم أن يعامل
الفقير معاملة الغنى، كما كان على الطلاب أن يقفوا موقفاً مماثلاً، وأن يدركوا أنهم
أمام المعلم وفى حلقات العلم سواسية، لا فرق بين غنى وفقير، بل الفضل المهذب المجد
أياً كان عنصره أو نصيبه من الثراء (49).
والواقع أنه برغم تأكيد معظم
الفقهاء والمربين المسلمين على الأخلاق التى ينبغى أن يتسم بها المعلمون بصفة عامة،
وعلى حسن معاملة الطلاب بصفة خاصة (50)، فإن هذه الأخلاق لم تكن مبادئ نظرية فقط، بل
كانت روحاً تتمثل فى سلوك كبار المعلمين، يؤكد ذلك ما محوته الكتب والمصادر التاريخية
من أدلة واضحة على المعامل الطيبة التى كان يعامل بها المعلمون الطلبة، منها هو العالم
نجم الدين الخبوشانى الذى عينه صلاح الدين الأيوبى على المدرسة الصالحية يعامل طلابه
الأب لأبنائه، يحاول تقصى أخبارهم والسؤال عن مشاكلهم ومحاولة حلها حتى يتفرغوا لطلب
العلم، وقد خرج فى بعض الليالى يطوف على بيوت الطلبة، فنظر من الباب فرأى أحد طلابه،
وقد وضع الكتاب فى يده وأنشد بعض أبيات الشعر، فلما أصبح النهار سأل الخبوشانى الطالب
عما به وأخبره بما سمعه منه فى الليلة السابقة، وفى ذلك دلالة على أنه لم يكن المعلم
يهتم فقط بإلقاء الدروس وإنما بأحوال الطلبة النفسية (51). ويذكر السخاوى أنه قد بلغ
من اهتمام أحد المدرسين بطلبته وكثرة أفضاله عليهم أن كان العض يسميه"وزير الطلبة"
(52) يضيف أن أحدهم كان قلماً يقول تلاميذى، بل يقول أصحابى تقديراً لهم (53).
ومما تجدر الإشارة إليه أن المساواة فى المعاملة، لم تمنع المعلمين
من إعطاء اهتمام خاص لبعض الفئات من الطلاب، حيث كانت توجه عناية خاصة للطلاب المتفوقين
والموهوبين الذين تبدو مخايل الذكاء والفطنة عليهم، وكان يعد من الظلم أن يحرم طالب
نابغ من تلقى العلم لأى سبب من الأسباب، وفى ذلك يقول الإمام الغزالى " أنه ليس
الظلم فى إعطاء العلم لغير المستحق بأقل من الظلم فى منح المستحق، كما أهتم المعلمون
بتلاميذهم الفقراء ووصلت عنايتهم بهم إلى حد الانفاق عليهم من مالهم الخاص (54). بل
أن بعض المدرسين كان يستدين المال ليصرف منه على طلبته واعداد المأكل الحسنة والإنفاق
عليهم ببعض الهدايا عند الختم (55) ، وقد ذكر السخـاوى أن القاضي ( بدر الدين أبو المحاسن ) (ت . 80 هـ ) كان يفرق
ما يخصه من الوصايا على الطلبة وربما حمل الطعام وما شبه لمن يكون عنده فى المدرسة
(56)، كما كان عمر بن عبد الوهاب بن بنت الاعز (ت. 680هـ) يتفقد فقراء تلاميذه كانوا
فى مدرسته ويبرهم بالمطعم والدراهم بنفسه، ولا يتكل في ذلك علي غلام ولا خادم
(57), وحكي أبو بكر الخطيب البغدادي أن أبا يوسف قال كنت أطلب الحديث والفقه, وأنا
مقل رث الحال, فاجأني أبي يوما وأنا عند أبي حنيفة فانصرفت معه, فقال يابني لا تمد
رجلك مع أبي حنيفة, فإن أبي حنيفة خبزه مشوي, وأنت تحتاج إلي المعاش, فقصرت عن كثير
من الطلب وآثرت طاعة أبي, فتفقدني أبي حنيفة رضي الله عنه وسأل عني, فجعلت أتعاهد مجلسه,
فلما كان أول يوماً أتيته بعد تأخري عنه قال لي ما شغلك عنا, قلت الشغل بالمعاش وطاعة
والدي, فلما أنصرف الناس دفع لي صرة, وقال استمتع بها, فنظرت فإذا فيها مائة درهم,
وقال لي الزم الحلقة, وإذا فرغت هذه فاعلمني, فلزمت الحلقة, فلما مضت مدة يسيرة دفع
إلى مائة أخرى, ثم كان يتعهدني حتى استغنيت وتمولت (58). وكذلك كان الإمام الشافعي
– رحمة الله – يتيما في حجر أمه وكانت فقيرة لا تستطيع أن تمده حتى بالورق والأقلام,
ولكنه التحق بالمسجد وسمع من العلماء بعد حفظ القرآن, ثم إنضم إلي الأمام مالك الذي
شمله بعطفه ورعايته وإحسانه حيث دبر أمره وبهذا استطاع يشق طريقه حتى أصبح أحد الأئمة
الأربعة الأعلام في الفقه الإسلامي وصاحب المذهب الشهير (59),وقد كان لهذه المعاملة
أثر بين علي حالة التعليم في العالم الإسلامي, إذ ظهرت بين المسلمين جمهرة ضخمة من
العلماء الذين ينتمون إلي طبقة الفقراء الكادحين من أبناء الشعب من هؤلاء أبو تمام
الطائي, والجاحظ, وغيرهم (60).
كما أن اهتمام المجتمع الإسلامي
وعنايته بالمتعلمين لم يقف عند حد الطلاب الفقراء والمتفوقين ولكنه امتد كذلك إلي المعوقين,
يعبر عن ذلك كثرة العلماء والمشاهير الذين لمعوا من المعوقين, والذين ما كانوا ليشتهرا
وينبغوا لولا العون الإجتماعي المسدي إليهم لتحطي عوائقهم, فضلاً عن سموهم بأنفسهم
عن العاهات التي أصيبوا بها, وقد إهتم المؤرخون والمؤلفون في التراجم بالحديث عن أشهر
من كان في زمنهم من المعوقين أو نبغ في أنواع العلوم والفنون التي أرخوا لها وللمشتغلين
بها, بل أن بعضهم خص هذه الفئات بالتأليف من هؤلاء الجاحظ, والهيثم بن عدى, وصلاح الدين
الصفدى – وغيرهم (61).
3. إذا كان تكافؤ الفرص التعليمية عند الأبواب بحيث يسوي بين الطلاب في شروط القبول
الإلتحاق, وإنما يمتد إلي الداخل فيهيئ فرصاً متكافئة في حياة الطلاب الاجتماعية والاقتصادية
كي يتمكنوا من مواصلة السير علي طريق التعلم والمذاكرة, فقد حرص أفراد المجتمع والمسئولون
عن التعليم فيه في عصور الإزدهار الإسلامية علي تقديم العديد من التسهيلات والهبات
والإعانات لطلاب العلم لتيسير عليهم سبل العلم وطريق المعرفة منذ المرحلة الأولى وحتى
نهاية مراحل التعليم حيث ينتهوا من دراستهم, ويصبحوا مؤهلين للوظائف التي كان يتولها
أهل العلم (62).
والدارس لحجج الأوقاف التي
كانت يوقفها الخيرون من الأغنياء والأمراء (63), سيجد فيها شروطاً متعددة يجئ في مقدمتها
أن يصرف الطالب كذا وكذا سواء من المال أو الأكل والكساء ونفس الشيء بالنسبة للمعلمين
وكافة العاملين بالمؤسسة التعليمية, هذا بالإضافة إلي الإقامة المستمرة طوال فترة طلب
العلم في العديد من المدارس والمساجد, وتوفير الكتب والمراجع اللازمة (64), فمساكن
الطلبة كانت من أهم الوحدات المعيارية التي يجب توافرها بالمدرسة بقصد إقامة الطلبة
فيها, ولضمان عدم إنقطاعهم عن العملية التعليمية بها (65), كما حرص الأمراء والسلاطين
في معظم العصور الإسلامية علي رعاية طلاب العلم وتوفير كل ما يعينهم علي طلبه فكان
صلاح الدين الأيوبي – مثلاً – يوفر لهم كل ما يحتاجون من مساكن يأوون إليها, ويوفر
لهم الخبز الذي يوزع عليهم كل يوم, ورتب لهم المدرسين في مختلف العلوم, وهيأ لهم الرعاية
الصحية وفي يقول ابن جبير" اتسع اعتناء السلطان بهؤلاء الغرباء الطارئين (طلاب
العلم) " حتى أمر بتعيين حمامات يستحمون فيها متى احتاجوا إلي ذلك, ونصب مارستانات
لعلاج من مرض منهم, ووكل لهم أطباء يتفقدون أحوالهم, وتحت أيديهم خدام يأمرونهم بالنظر
في مصالحهم (66), وأضاف أيضاً ومن خلال رحلة زار فيها مصر في عهد صلاح الدين أن من
يطلب العلم يجد الأمور المعينات وأولها فراغ البال, والمسكن الذي يأويه, والمعلم الذي
يعلمه الفن الذي يريد والأجير الذي يقوم بأحواله (67).
وفي هذا الإطار يقول جيبون
في حديثه عن إهتمام المسلمين بالعلم في الشرق والغرب أن ولاه الأقاليم الوزراء, كانوا
ينافسون الخلفاء في إعلاء مقام العلم والعلماء, وبسط اليد في الإنفاق علي إقامة بيوت
العلم ومساعدة الفقراء علي طلبه, حتى أن وزيراً واحداً لأحد السلاطين (هو نظام الملك)
انفق مائتي ألف دينار علي بناء مدرسة في بغداد, وجعل لها من الريع الذي يصرف في شؤونها
خمسة عسرة ألف دينار في السنة, وكان من الذين يفدون إليها من الطلاب ابن أعظم العظماء
في المملكة, وابن أفقر الصناع فيها, غير أن الفقير ينفق عليه من الريع المخصص للمدرسة,
وابن الغني يكتفي بمال أبيه (68).
4. إذا كان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية يقتضي ضرورة انتشار وتوزيع المؤسسات
التعليمية في كل أرجاء المجتمع مدنه وقراه, وأن تتنوع هذه المؤسسات بشكل يعكس حاجات
ومطالب أفراد المجتمع, ويلبي رغبات وميول طلاب العلم, فإن الدارس لمؤسسات التعليم في
عصور الازدهار الإسلامي يجد إنها لم تأخذ شكلاً واحداً جامداً, بل تعددت أشكالها بتعدد
الأهداف التي كانت وراء كل مؤسسة تعليمية, فهناك الكتاب لتحفيظ القرآن ومعرفة أساسيات الدين الإسلامى وهناك المسجد الجامع لدراسات
أكثر تعدداً أو تعمقاً، وهناك المدرسة لدراسة أكثر تخصصاً وتحديداً، وتتطالب تفرغا
كاملا، وإقامة داخلية فيها، وهناك البيمارستانات لتلقى العلوم الطبية، والمراصد لتلقى
علوم الفلك.. إلى غير ذلك من المؤسسات التربوية العديدة التى أفرزتها الحاجات الجماهيرية
(69)، ولن نجد مدينة أو قرية إسلامية خلال عصور الإزدهار الإسلامية ألا ووجدنا فيها
لونا من ألوان هذا التعليم يتناسب وحاجات أفرادها، فالخدمات التعليمية لم تكن حكراً
على أبناء المدن أو منطقة معينة، بل كان التعليم بطبيعة نشأته (نظاما شعبياً)
متاح لأبناء القرية والمدينة معا، وأهم من ذلك أن هذا التعليم المتاح لم يكن معزولا
عن حاجات البيئة ومطالبها، كما يوسم التعليم المعاصر بعزلته وعدم تفاعله مع مطالب البيئة
وحاجاتها (70).
5. لن تعرف المجتمعات الإسلامية فى عصور ازدهارها تميزا بين الذكور والإناث فيما
يتعلق بتوفير الفرص التعليمية لكلا منها، انطلاقا من أن موقف الإسلام من قضية تعليم
المرأة وتعلمها – قد تجاوز نطاق الإباحة أو الحق، إلى اعتباره فريضة إلهية وتكليفا
واجبا وملزماً، فنحن لم نجد نصاً من القرآن الكريم أو السنة الشريفة يحرم تعليم المرأة
أو يفرض قيوداً على تعليمها، بل على العكس نجد حثاً على طلب العلم وجعله فريضة على
كل مسلم ومسلمة.
وعلى هذه المفاهيم قامت الحياة
التعليمية منذ أن انبثق فجر الدين الإسلامى، حيث استجاب الرسول (ص) لطلب النساء
فى تعلم أمور الدين الحنيف، وحدد لهن وقتاً خصهن بالإرشاد والتوجيه والتعليم والإجابة
على أسئلتهن، شأنهن فى ذلك شأن الرجال (71). فالتعليم كان على اختلاف أنواعه ومصادره
مطلباً عاماً للذكور والإناث معاً كل وفق ظروفه وقدراته وحاجاته الخاصة، وكما ظهر أسماء
وعلماء وأدباء وشعراء وفقهاء من الرجال، فقد ظهر أيضاً أسماء عالمات وأديبات وشاعرات
وفقيهات من النساء فى عصور الازدهار الإسلامي، وأن كل ما أثاره الفقهاء من قضايا حول
تعليم المرأة إنما هى نفس القضايا التى ما زالت تثار حالياً حتى فى أكثر الدول تحضراً
وتقدماً مثل الاختلاط فى التعليم، وما يجب أن تتعلمه المرأة.. وغيرها من القضايا التى
لا تمس حق المرأة فى التعليم، وإنما تمس تنظيمه وأشكال هذا التنظيم (72).
6. أن تكافؤ الفرص التعليمية فى عصور الازدهار الإسلامية، لم يقتصر – فقط على المؤسسات
التعليمية الرسمية أو النظامية، بل امتد مفهوم الفرص التعليمية إلى ما تقدمه المؤسسات
غير الرسمية كالمكتبات وقصور الأمراء حوانيت الوراقين.. وغيرها، فقد لعبت المكتبات
على سبيل المثال – داراً بارزاً فى توفير المعرفة وذيوعها فى العصور الإسلامية خاصة
وأن الكتب لم تكن متيسرة كما انه لن يكن باستطاعة الكثيرين اقتنائها نظراً لارتفاع
أثمانها وقلة الموجود منها فجميع الكتب كانت فى معظم هذه العصور مخطوطات تعتمد فى كتابتها
على النسخ اليدوى إضافة إلى ارتفاع أثمان مواد الكتابة من حبر وجلد وورق ..وغير ذلك
كما أن وجود هذه المكتبات جنب الكثير من الطلبة جشع تجار الكتب ومغالاتهم فى أسعارها
(73).
ومما تجدر الإشارة إليه أن وجود المكتبة أو الخزانة لم يقتصر على المدرسة وحدها
بل وجدت فى المساجد والجوامع والزوايا والخوانق كما حرص الأمراء على إنشاء مكتبات خاصة
فى قصورهم (74). بالإضافة إلى المكتبات التى وجدت فى أغلب بيوت العلماء والفقهاء والأدباء
وهو ما جعل رسالة المكتبة غير قاصرة على خدمة المدرسين والطلاب ولكنها امتدت إلى كل
أفراد المجتمع.
7. إذا كان تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية يتطلب ضرورة أن يكون التعليم إلزامياً
خاصة فى مراحله الأولى فإن هناك من المربيين والفقهاء المسلمين من أكد على هذه الفكرة
فالقابس يرى أن تعليم جميع الصبيان ضرورى وواجب وان هذا الواجب هو الوجوب الشرعى على
طريقة الفقهاء، ذلك أن معرفة العبادات واجبة بنص القرآن ومعرفة القرآن واجبة أيضاً
لضرورتها فى الصلاة وأن الوالد مكلف بتعليم ابنه القرآن والصلاة فإذا لم يتيسر للوالد
أن يعلم ابناءه بنفسه فعليه أن يرسله إلى الكتاب لتلقى العلم بالأجر فإذا لم يكن الوالد
قادر على نفقة التعليم فأقرباؤه مكلفون بذلك فإذا عجز أهله على نفقة التعليم فالمحسنون
مرغبون فى ذلك أو معلم الكتاب يعلم الفقير احتساباً أو من بيت المال بذلك وصل القابسى
إلى نتيجة مؤداها ضرورة ووجوب تعليم جميع أبناء المسلمين أغنياء وفقراء وهذا المعنى
قريب مما يسمى الآن الإلزام (75).
8. برغم أن المصادر التاريخية قد اشارت إلى أن بعض عصور الإزدهار الإسلامية قد
شهدت صوراُ متعددة لتعليم خاص كان يتم فى داخل المنازل والقصور يختلف إلى حد ما عما
كان يتم لكافة الأفراد فى المساجد والكتاتيب والمدارس.. وغيرها مما عاهد التعليم الإسلامى
فإن هذه المصادر قد أشارت أيضاً إلى بعض العلماء المسلمين والمعلمين رفض أن يسلك سبيل
هذا النوع من التعليم (الخاص) مفضلاً التعليم العام عليه فقد رفض عبد الله ابن إدريس
أن يختص المأمون بدرس وحده ألا إذا سعى له المأمون وكان جوابه للرشيد وقد رجاه ان يحدث
المأمون أن قال: إن جاءنا مع الجماعة حدثناه (76).
9. برغم ندرة المصادر التى تناولت طريقة التعيين فى الوظائف والأعمال المختلفة
فى المجتمعات الإسلامية فى عصور ازدهارها (77). فإن دراسة الشروط والصفات التى أشار
الفقهاء والمربيين إلى ضرورة توافرها فيمن يمارسون بعض الأعمال والمهن خاصة تلك التى
لها اهمية كبيرة فى حياة المجتمع كالمعلم (78) والطبيب (79) مثلاً، يمكن أن يستدل منها
العدالة فى حصول كل فرد على فرصة متكافئة مع غيره فى شغل الوظيفة التى تتفق مع ما يتمتع
به من صفات ومؤهلات تتفق مع غيره فى شغل الوظيفة التى تتفق مع ما يتمتع به من صفات
ومؤهلات تتفق ومتطلبات هذه الوظيفة دون محاباة لأحد على حساب الآخر بما قد يشير إلى
توفر الركن الرابع من أركان تكافؤ الفرص التعليمية.
ثالثاً: الجوانب التى
يمكن الاستفادة منها فى مجال تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.
اتضح مما سبق أن إيمان المسلمين بأن طلب العلم فريضة وعبادة وضرورة من ضرورات
الإيمان وأن بذله لأهله قربه إلى الله جعلهم يحرصون على بذل كل جهد من أجل الحصول عليه
وتوفيره لطالبيه وتذليل كافة الصعوبات التى قد تحول دون حصول كل طالب عليه بسهولة ويسر
سواء من خلال مساعدة المعلمين لطلابهم وإعانتهم على طلب العلم أم من خلال فتح كافة
أبواب المؤسسات التعليمية أمامهم دون تمييز بينهم بسبب النوع أو المستوى الاقتصادى
ووقف بعض الأموال للإنفاق منها على هذه المؤسسات ولخدمة طلاب العلم جميعاً.
والواقع أننا فى حاجة إلى تأكيد هذا الدافع الدينى لدى طلاب ومعلمى اليوم لكى
يبذلوا أقصى جهد مستطاع لإكتساب العلوم المختلفة والتقليل من عوامل الهدر فى النظام
التعليمى ممثلاً فى الرسوب والتسرب كما اننا فى حاجة إلى توعية بعض أفراد المجتمع خاصة
الأغنياء إلى أن الإنفاق على التعليم يعد مجالاً من مجالات البر والمعروف وأن عليهم
أن يساهموا بدور فى تيسير أصول الطلاب عليه من خلال تخصيص جزء من أموالهم لبناء وتجهيز
المؤسسات التعليمية أو لمساعدة الطلاب الفقراء فى الحصول عليها.
- كما اتضح أيضاً أن المسلمين الأوائل قد فطنوا إلى أهمية الخدمات التعليمية التى
تقدم للطلاب فى زيادة قدرتهم على التحصيل العلمى ولذلك حرصوا على توفير العديد من الخدمات
لطلاب العلم حتى يتفرغوا لطلبه فاهتموا بتوفير كل ما يحتاجون إليه من مساكن يأوون إليها
وأطعمة توزع عليهم وأطباء يتفقدون أحوالهم وخدم يأمرونهم بالنظر فى مصالحهم.. وغيرها
الكثير الأمر الذى يدعون إلى التفكير بجدية وإعادة النظر فيما يقترحه ويدعو إليه البعض
(80). من ضرورة تخلى الدولة عن بعض ما تقدمه من خدمات للطلاب كالمدن الجامعية أو التغذية
أو العلاج أو أن تعمل على رفع اسعار تقديم هذه الخدمات زيادة الرسوم المدرسية المكررة
على الطلبة وإعادة النظر فى نظام مكافآت التفوق وغيرها من المقترحات والتى يمكن أن
تشكل عائقاً يحول دون تحقيق تكافؤ الفرص بصورة كاملة.
- أن اهتمام المسلمين الأوائل ببعض الفئات الخاصة كالمتفوقين والمعاقين يعدوا
صورة مضيئة تجعلنا نزيد من أهتمامنا لهذه الفئات وأن نغير اتجاهنا نحو بعضها خاصة المعوقين
وأن نؤمن بأن المعاق يمكن أن يتغلب على ظروف إعاقته بإعانة المحيطين له سواء فى محيط
الأسرة أو المدرسة.
- تعد علاقة المعلمين بطلابهم فى عصور الازدهار الإسلامى صورة مضيئة هامة لابد
من الاقتداء بها فى الوقت الحالي اقتداء فى سعى المعلم فى مصالح طلابه والمساواة بينهم
ومراعاة الفروق الفردية والتواضع والرفق بهم .....وغيرها الكثير.
- وأخيراً فإنه بعد هذا العرض لمفهوم تكافؤ الفرص التعليمية ومظاهر تطبيقه فى
عصور الإزدهار الإسلامى نعود ونكرر ما سبق وذكرنا من أن ما حققته الحضارة الإسلامية
فى عصور ازدهارها كان وراءه نظام ومفاهيم وقيم تربوية نحن الآن فى أمس الحاجة إلى دراستها
والوقوف أمامها للإستفادة من بعض جوانبها فى حل بعض مشكلاتنا التعليمية أو إعادة صياغة
بعض جوانب سياستنا التعليمية فى المستقبل فى ضوئها.
المراجـــع
1. على السيد الشخيبى: السياسة التعليمية وتكافؤ
الفرص التعليمية فى مصر – فى كتاب التربية و المجتمع، دراسات فى بعض قضايا المجتمع
المصرى – كلية التربية – جامعة عين شمس – 1988.ص 127.
2. زينب محمد فريد: دراسات فى التربية - مكتبة
الانجلو المصرية – القاهرة – 1982، ص153.
3. محمد صديق حمادة: فلسفة تكافؤ الفرص التعليمية
بين النظرية والتطبيق – بحوث مؤتمر نحو رؤية نقدية للفكر التربوى العربى – المجلد الأول-
رابطة التربية الحديثة بالاشتراك مع الجامعة العمالية بالقاهرة – 1989، ص279.
4. على السيد الشخيبى:مرجع سابق ص 127.
5. من هذه الدراسات:
- رجب عبد الوهاب عبد اللطيف: دراسة تحليلية لمفهوم تكافؤ
الفرص التعليمية – بحوث مؤتمر نحو رؤية نقدية للفكر التربوى العربى – المجلد الأول-
مرجع سابق.
- عصام الدين هلال: نحو مفهوم شامل لتكافؤ الفرص
التعليمية فى مصر- دراسة مقدمة إلى مؤتمر الديمقراطية والتعليم فى مصر- رابطة التربية
الحديثة بالاشتراك مع مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجريدة الأهرام – القاهرة
– مارس 1984.
- حسن الفقى: تكافؤ الفرص التعليمية ومجتمع
الجدارة – مجلة العلوم الاجتماعية – جامعة الكويت – المجلد الحادى عشر – العدد الرابع
- ديسمبر 1983.
6. على صالح جوهر: مجانية التعليم فى مصر الإسلامية
دراسة تطورية تحليلية – مجلة كلية التربية بدمياط جامعة المنصورة – العدد العاشر الجزء
الثانى – يونيه 1988.
- زينب حسن حسن: المجانية فى مصر هل دعمت
أم خردت ديمقراطية التعليم؟ - الكتاب الثانوى فى التربية وعلم النفس – المجلد العاشر
تحرير سعيد إسماعيل على – دار الثقافة للطباعة والنشر- القاهرة – 1985.
- سامية السيد بغاغو: سياسة القبول بالجامعات ومدى
تحقيقها لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية دراسة ميدانية على جامعة طنطا – رسالة دكتوراة
غير منشورة – كلية التربية جامعة طنطا 1985.
7. من هذه الدراسات:
- محمد صديق حمادة: مرجع سابق
- على السيد الشخيبى: مرجع سابق
- عنتر لطفى محمد: تكافؤ الفرص التعليمية فى
التعليم المصرى بين النظرية والتطبيق – بحوث مؤتمر نحو مشروع حضارى تربوى – رابطة التربية
الحديثة بالاشتراك مع كلية التربية – جامعة عين شمس إبريل 1987.
- حمدى حسن عبد الحميد على: مدى تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية
فى التعليم الجامعى المصرى – رسالة ماجستير غير منشورة - كلية التربية – جامعة الزقازيق 1982.
- عبد التواب عبد اللاه عبد التواب: تكافؤ الفرص فى التعليم
الثانوى فى جمهورية مصر العربية وتأثره بالأوضاع الاجتماعية الاقتصادية للتلميذ
"دراسة ميدانية" – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية التربية جامعة أسيوط
1978.
8. أنظر فى ذلك – رمضان أحمد عيد: دراسة مقارنة لوسائل
تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية فى المرحلة الثانوية فى مصر وانجلترا والهند – رسالة
ماجستير غير منشورة – كلية التربية جامعة عين شمس1985.
- السيد عبد العزيز البهواش: السياسة التعليمية وتكافؤ
الفرص دراسة مقارنة بين مصر واليابان، بحوث المؤتمر الثانى عشر لرابطة التربية الحديثة
بالاشتراك مع كلية التربية جامعة المنصورة – السياسات التعليمية فى الوطن العربى –
المجلد الأول يوليو 1992.
9. سعيد إسماعيل على: أهداف المدارس الإسلامية
– مجلة المسلم المعاصر – السنة السادسة عشر – العدد الثالث والستون – المعهد العالي
للفكر الإسلامي – بيروت – فبراير / ابريل 1992.ص 107.
10.عبد الرحمن النقيب: ديمقراطية التعليم في عصور
الإزدهار الإسلامي دروس مستفادة – الكتاب السنوي في التربية وعلم النفس – المجلد العاشر
– مرجع سابق. ص 129.
11.عبد الغني عبود: بدراسة مقارنة لتاريخ التربية
– دار الفكر العربي – القاهرة – 1978.ص 198.
12.عبد الرحمن النقيب: مرجع سابق – ص 193.
13.محمد صديق حمادة: مرجع سابق – ص 281.
14.منير المرسي سرحان: في اجتماعيات التربية – الطبعة
الثالثة – مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة 1982. ص 259.
15.سعيد إسماعيل علي: محنة التعليم في مصر – كتاب
الأهالي – العدد الرابع – جريدة الأهالي – القاهرة – نوفمبر 1984. ص103.
16.محمد صديق حمادة: مرجع سابق . ص282.
17.المرجع السابق : ص 283.
18.زينب حسن حسن: مرجع سابق. ص 119.
19.زينب محمد فريد: مرجع سابق. ص 143
20.حامد عمار: في بناء البشر – دراسات في
الغير الحضاري الفكر التربوي – المركز العربي للبحث والنشر – القاهرة – 1982 ص65.
21.زينب حسن حسن: مرجع سابق ص 133.
22.علي السيد الشخيبي: مرجع سابق ص 133.
23.محمد صديق حمادة: مرجع سابق ص 282.
24.رجب عبد الوهاب عبد اللطيف: مرجع سابق.152 – 153.
25.محمد أحمد الغنام: مسؤوليه التعليم في تزويب
الفوارق بين الطبقات في مجتمعنا – صحيفة التربية – القاهرة – نوفمبر 1962. ص156.
26.رجب عبد الوهاب عبد اللطيف: مرجع سابق. ص156.
27.لمزيد من التفصيل عن بعض هذه الدراسات يكمل الرجوع إلي المرجع السابق ص 156
– 160
28.زينب حسن حسن: مرجع سابق .ص 119.
29.فوزي يوسف سليمان: الخدمات الاجتماعية لطلاب
الجامعات في الجهورية المتحدة وكل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية دراسة مقارنة
– رسالة ماجستير غير منشورة – كلية التربية – جامعة عين شمس – 1970. ص301.
30.عبد الغني عبود: إدارة التربية وتطبيقاتها
المعاصرة – دار الفكر العربي – القاهرة – 1978. ص93.
31.مهري أمين دياب: الاحتياجات التربية لعمال
الزراعة في قرية مصرية الحوتة بحيرة دراسة حالة – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية
التربية – جامعة عين شمس – 1982.ص 89.
32.حامد عمار: مرجع سابق.ص 65.
33.علي السيد الشخيبي: مرجع سابق .ص 130.
34.زينب حسن حسن: مرجع سابق .ص 119.
35.سعيد اسماعيل علي: رؤية إسلامية معاصرة للمسألة
التعليمية – مجلة الوعي الإسلامي السنة (30) العدد 330 - .
36.سورة الزمر: آية 9.
37.زغلول راغب النجار: أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية – المعهد العالى
للفكر الإسلامي 1990، ص238.
38.سورة آل عمران: آية 18.
39.سورة المجادلة: آية 11.
40.جلال الدين عبد الرحمن بن أبى بكر السيوطى: الجامع الصغير فى أحاديث البشير
النذير. دار القلم للتراث – القاهرة د.ت.ص 194.
41.المرجع السابق: ص
42.سعيد اسماعيل على: رؤية اسلامية معاصرة للمسألة التعليمية مرجع سابق ص62
43.زغلول راغب النجار: مرجع سابق ص 118.
44.سعيد اسماعيل على: التعليم المصرى بين القطاع العام والقطاع الخاص – دراسات
تربوية. المجلد السابع – الجيزة 45 – سلسلة أبحاث تصدر عن رابطة التربية الحديثة - القاهرة – 1992.ص 45.
45.أحمد شلبي: التربية والتعليم فى الفكر الإسلامى – الطبعة الثان=منة – مكتبة
النهضة العربية – القاهرة – 1987. ص296.
46.محمد عبد الرحيم أبو غنيمة: تطور التعليم الجامعى فى الإسلام – رسالة ماجستير
غير منشورة كلية الآداب – جامعة القاهرة – 1953. ص180.
47.سعيد اسماعيل على: ديمقراطية التربية الاسلامية – عالم الكتب – القاهرة –
1982. ص200.
48.حسن إبراهيم عبد العال: فن التعليم عند بدر الدين ابن جماعة – مكتب التربية
العربى لدول الخليج – الرياض – 1985.ص56.
49.أحمد شلبي: مرجع سابق. ص 296.
50.لمزيد من التفصيل عن هذه الشروط الأخلاق يمكن الرجوع إلى:
- الخطيب البغدادى (أبو بكر أحمد بن على بن ثابت) كتاب الجامع لاخلاق الراوي وآداب
السامع – تحقيق أحمد رأفت سعيد – مكتبة الفالح – الكويت – 1981.
- ابن جماعة (بدر الدين محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة): تذكرة السامع
والمتكلم فى أدب العالم والمتعلم – دار الكتب العلمية – بيروت – بدون تاريخ.
51.
عفاف سيد محمد صبره:
المدارس فى العصر الأيوبي – فى كتاب تاريخ المدارس فى مصر الإسلامية أعده للنشر عبد
العظيم رمضان – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1992، ص188.
52.
السخاوي (شمس الدين
محمد بن عبد الرحمن): الضوء اللامع لأهل القرن التاسع عشر – جده مكتبة القدس – القاهرة
– 1353هـ، ص 263.
53.
المرجع السابق: ج12،
ص 9،10.
54.
أحمد شلبي: مرجع سابق،
ص297.
55.
السخاوي (شمس الدين
محمد بن عبد الرحمن) مرجع سابق – ج6 ص 181 – 182.
56.
السخاوى (شمس الدين
محمد بن عبد الرحمن): الذيل على رفع الأصر أو بغية العلماء والرواه – تحقيق جودة هلال
ومحمد محمود صبح، مراجعة على البيجاوي – الدار المصرية للتأليف والترجمة والنشر – القاهرة
د.ت.ص 352 – 353.
57.
المرجع السابق: ص
459 – 460.
58.
ابن خلكان (أبو العباس
شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر): وفيات الأعيان وأنباء ابناء الزمان ج2 – دار صادر
– بيروت – 1969 .ص401.
59.
المرجع السابق: ص
401.
60.
أحمد شلبي: مرجع سابق
ص 298.
لو انت عاوز مركز يكون متخصص فى تدريس معادلة كلية الهندسة يبقى مش هتلاقى افضل من مركز النور افضل مركز متخصص و خبرة فى معادلة كلية الهندسة و بيوفر لكل طالب كتب معادلة كلية الهندسة
ردحذفمع مركز النور هتقدر تنجح فى معادلة كلية الهندسة
اتصل بنا على :01093189974
www.معادلة-كلية-الهندسة.com/
ردحذفمعادلة كلية الهندسة جامعة القاهرة
نحن مركز النور سوف نقوم بمساعدتك في اجتياز امتحانات معادلة كلية الهندسة جامعة القاهرة فهو به نخبه من افضل المدرسين و الاساتذه اللي هتساعدك في شرح مواد المعادلة بطريقه سهله و بسيطه و بدون تعقيد و معنا سوف تحصل علي اعلي نتيجة
اتصل بنا علي الرقم 01093189974 – 0111612616161
http://www.engelnour.com
اسلام عليكم
حذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف